إخوة لا أعداء
يكتبها: علي بارجاء
الشعب اليمني بكل فئاته الاجتماعية شعب متآخ متعايش سواء عاش على تراب وطنه أم هاجر وعاش في أرض الاغتراب بل يخلق في مهجره علاقات طيبة حتى مع أبناء تلك البلدان وغيرهم من المهاجرين من غير اليمنيين فما بالك باليمنيين أنفسهم ممن يشاركونه الاغتراب والبعد عن الوطن.
ومن طبيعة الإنسان المفارق لمسقط رأسه أن يأنس بابن مدينته حين يلتقيه في مدينة داخل الوطن غير مدينته فما باله حين يلتقيه خارج حدود الوطن. فكل غريب للغريب نسيب.
حكا لي أحد الأصدقاء الحضارم أنه سافر إلى الأردن ليعالج والدته ولكن والدته توفيت هناك وكان عليه دفع مبلغ من المال بشكل عاجل لينهي تكاليف العلاج والدفن في حين يتطلب الأمر منه الاتصال بالوطن لإرسال المبلغ. وكان أن تعرف على رجل من أبناء صعدة فحين علم بحاجته إلى المال أعطاه عشرة آلاف دولار لينتهي من التزاماته ريثما يرسل إليه المال من الوطن.
نشر موقع إخباري يمني يوم الأربعاء قصة وصفها بالغريبة نقلا عن مصدر آخر.
ملخص القصة أن ثلاثة من اليمنيين تقابلوا في أحد السجون وفي إحدى مناقشاتهم وجدالهم حول ما آلت إليه الأوضاع الحالية في وطنهم اليمن فقال أحدهم أن سبب تردي الأوضاع هم الحوثيون فرد عليه الثاني معترضا بأن السبب هو المؤتمر الشعبي فاعترض الثالث واتهم الإصلاح وثورة الربيع اليمني.
اتضح أن كل واحد من هؤلاء الثلاثة ينتمي لطرف من الأطراف الثلاثة المتهمة منهم بأنها سبب ما يحدث في اليمن فكان أحدهم من أنصار الله والآخر من المؤتمر والثالث من الإصلاح.
قيل أن أحد الضباط أمر بإطلاق سراح اثنين منهم وحاول الإبقاء على الثالث. فامتنع الاثنان عن مغادرة السجن واشترطا على الضابط إما بإخراجهم جميعا أو البقاء في السجن معا.
لم يكن التباين في الرأي الذي احتدم بينهم الناتج عن اختلاف الانتماء السياسي ليقطع ما بينهم من أواصر الأخوة التي يفرضها عليهم الانتماء لوطن واحد ما دام كل منهم يهمه أمر وطنه ويريد أن يراه وطنا صالحا لحياة الإنسان فيه.
السياسة وممارستها من خلال الأحزاب وسيلة من وسائل إدارة الوطن والشعب ولكنها أي الأحزاب السياسية حين تكون عاملا من عوامل الصراع الذي يدمر الوطن فتبا للأحزاب وليترك الجميع الحزبية ولو اقتضى الأمر تحريمها وتخوين من يمارسها.
كم عدد سكان اليمن¿ وكم هي نسبة المنتمين إلى الأحزاب قياسا بالمستقلين الأحرار الذي لا أجد لهم ما أصفهم به سوى أنهم عظماء وأنهم الوطنيون الحقيقيون الذين تهمهم مصلحة الوطن وما ذلك إلا لأن (شورهم في كورهم) فما لأحد عليهم من سلطان. فلماذا تكون الأغلبية ضحية لأقلية حزبية متصارعة¿!
اليمنيون أظهروا في كل مراحل التاريخ أنهم إخوة مهما تباينت أفكارهم وانتماءاتهم الحزبية والمذهبية وهذا ما يميزهم عن غيرهم من الشعوب فهل ستتغلب الأخوة على التباين في الرأي¿ فليس في مصلحة الوطن أن يعيش فيه إخوة أعداء إلا إذا أرادوا أن يهدموا البيت على رؤوسهم.