مرحى يا عراق 17

أ.د عمر عثمان العمودي

 - 
كانت الزوبعة السياسية والضجيج الدعائي والنفسي الذي أثارته أميركا بمشاركة بريطانيا حول أسلحة الدمار الشامل واتهمت العراق بالسعي السري لإنتاجها وامتلاكها هو الذريعة التي استخدمت لتنفيذ خطة غزو العراق المبيتة والمعدة سلفا و

– أخطار وأبعاد الغزو الأميركي للعراق عام 2003م:

كانت الزوبعة السياسية والضجيج الدعائي والنفسي الذي أثارته أميركا بمشاركة بريطانيا حول أسلحة الدمار الشامل واتهمت العراق بالسعي السري لإنتاجها وامتلاكها هو الذريعة التي استخدمت لتنفيذ خطة غزو العراق المبيتة والمعدة سلفا وقد حاولت أميركا كالعادة تغطية غزوها الاستعماري بشرعية دولية من المجتمع الدولي وفي هذه المرة لم تحصل على التحويل والمساندة العسكرية والمالية كما كانت تريد وكما حدث في حرب الخليج الثانية وهناك دول غربية وعربية ابتعدت عن مجاراة أميركا المصممة على الحرب وفي ذروة المجابهة المفتعلة مع أميركا أصدر الرئيس الأميركي بوش الابن إنذاره المهين للعراق ورئيسه ووقف متعاطفا مع العراق الجانب الأكبر من الرأي العام العربي والدولي وحشد النظام السياسي العراقي ما لديه من قوة وجيوش كبيرة العدد أوهمت المراقبين العرب بأن الحرب ستطول وأن العراق سيصمد على مستوى الحرب النظامية وعلى مستوى الحرب الشعبية وحرب العصابات المتنقلة والمجهولة المكان والمصدر.
ولكن على مدى ثلاثة أسابيع تداعى النظام السياسي العراقي وأركان حربه وجيوشه وتحقق دخول القوات الغازية إلى العراق (أبريل2003م) واستأثرت أميركا القوة العالية الأولى والجبارة بوسط وشمال العراق وترك أمر الجنوب البصرة وما حولها للقوات البريطانية الشريك الثانوي أو الذيل التابع والملحق بجسد التنين الأميركي وقيل عن أسباب انهيار العراق السريع أقوال وأقوال منها الخيانة من داخل الجيش ومنها عدم التكافؤ في القدرات العسكرية وضعف معنويات العراقيين المنهكين من الحروب والمجابهات وفي هذه الحرب وعلى مدى ثلاثة أسابيع بلياليها القت القوات الغازية المجتمع العراقي كل أنواع الأسلحة المدمرة وقد أتت على كل المنشآت العسكرية وعلى كل أساسيات البنية التحتية والمرافق العامة وعندما آل أمر العراق إليها قامت بتسريح الجانب الأعظم من عناصر القوات المسلحة وعناصر الأجهزة الأمنية والإدارية وألغت تقريبا وجود مؤسسات الدولة السابقة وهكذا دمرت أميركا مقومات المجتمع العراقي وشتت شمل جموع أبنائه وقتل وجرح وتشريد مئات الألوف بفعل أحداث وويلات ذلك الغزو العسكري غير المبرر وغير الشرعي وغير الأخلاقي إنه منطق القوة التي تصنع بانتصارها الحق والشرعية كما يحلو لمن يملكها ويبدو أن الغزو الأميركي المصطنع للعراق باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان وباسم محاربة الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل هو أول تطبيق تنفيذي ميداني لنظرية الفوضى الخلاقة لأصحابها في العالم العربي والتي هي من وجهة نظرنا نظرية الفوضى الهدامة لسلامة مجتمعاتنا العربية وتشتيت شمل أبنائها وإدخالها في صراعات لا تنتهي عنصرية ومذهبية وطائفية وجهوية وقبلية وإذا استمرت على أحوالها وأنساقها الحالية ووفقا للتدخلات والأجندات الخارجية فهي مؤهلة لقيام دويلات وكانتونات وكيانات يصعب تحديد عددها في الوقت الحاضر ولكنها ستكون صورة مفصلة وجديدة لاتفاقية سايكس/ بيكو المعقودة سريا بين بريطانيا وفرنسا عام 1916م والخاصة أصلا ببلاد الشام والقادم الجديد سيكون أسوأ من الماضي وسوف يشمل ويغطي كل بلدان المنطقة العربية والوطن العربي في اتجاه وفي إطار تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ والمؤامرات والخطط من الخارج من أعداء العرب والمنفذون الأمناء لها العرب أنفسهم.

قد يعجبك ايضا