رحلة عيدية شاقة عبر طرق رئيسية منهارة
د/عبد الله الفضلي
نعم إنها رحلة عيدية شاقة يتكبدها المسافرون بين الطرق الرئيسية التي تصل بين العاصمة صنعاء ومحافظة عدن فهي رحلة عذاب ومشقة )ولو كنت أعرف خاتمتي ما كنت بدأت( (مع الاعتذار لأغنية الفنان عبد الحليم حافظ) , حيث شدينا الرحال وقررنا مع كل أفراد الأسرة أن نقوم برحلة عيدية ونتجه صوب مدينة عدن الفاتنة من خلال ثلاث محافظات هي ذمار وإب وتعز عبر طريق وعر ومدمر وذلك بعد سبع سنوات مضت على زيارتنا الأولى إلى عدن عام 2006م وقد كنا في منتهى الفرح والابتهاج والاشتياق لهذه الرحلة الترفيهية كنوع من الابتعاد عن التوتر الأمني والخوف والقلق بالعاصمة صنعاء .
وقد بدأنا رحلتنا على متن سيارتنا المتواضعة (والخربانة أصلا) عند الساعة السابعة صباحا وقد توكلنا على الله وسألناه أن يجنبنا من وعثاء السفر وأن يجنبنا من الكوارث والمحن .
وما هي إلا ساعة من انطلاق رحلتنا إلا وبدأت المصاعب والمشاكل الخاصة بالطريق الذي نسلكه وتتمثل بالمطبات ويتكرر بروزها وظهورها أمامنا وتعرقل رحلتنا وبعد كل خمس دقائق نجد مطبا لدرجة أنها أفسدت علينا بداية رحلتنا وإذا لم نتنبه لوجود مطب وبصورة مفاجئة فإن السيارة (تشتل وتطرح) بين المطبات التي تم استحداثها من قبل المواطنين الذين يقطنون على جانبي الطريق وخاصة في بلاد الروس التي فاقت مطباتها كل تصور . وفي الطريق إلى معبر جهران من أسفل نقيل يسلح واجهتنا الكثير من المطبات والاسفلت المدمر الذي أنهكته المركبات والسيول ونحن نعاني من هذا الطريق المتشقق الذي ألحق أضرارا كبيرة بعشرات السيارات المارة وحين ولجنا وسلكنا ما يسمى بالخط الدائري لمدينة معبر جهران فإذا بهذا الطريق الدائري قد تحول إلى منطقة صحراوية مما لحق بهذا الطريق من دمار وحفريات وسيول وزحام ليس له مثيل ولم يحل مشكلة المدينة التي تكتظ بآلاف البشر , وقد اجتزناه بأعجوبة وصبر , وعند وصولنا إلى الطريق الدائري لمدينة يريم رأينا أهوالا وفوضى في السير ومرورا تائها وطريقا مخربا ومنهارا وقد جرفته السيول والأمطار وكأننا نمر في سائلة وليس في طريق مسفلت وقد ظللنا نتدحرج ونتزحزح ونتزاحم بسياراتنا وكأننا قد خرجنا من عنق الزجاجة , ثم انطلقنا باتجاه نقيل سمارة عبر ما يسمى طريق كتاب وهو الخط الدائري الجديد فإذا بهذا الطريق منهك ومنهار وكله (تقفاز وبرع) على الاسفلت المدمر فواصلنا سيرنا صوب مدينة إب عبر الخط الدائري الجديد الذي يبدأ من أسفل نقيل سمارة إلى وسط مدينة إب التي لم يكن طريقها إلا مثالا سيئا وصارخا لأسوأ شوارع المدن فشوارعها منهارة ومياه الأمطار تغمر الحفريات وزحام ليس له مثيل في أية مدينة خاصة جولة شارع العدين التي لا يتحملها أي مسافر وقد ظللنا نتعارك مع الطريق والحفريات والزحام لأكثر من ساعة زمن .
وفي طريقنا إلى مدينة القاعدة قرب مدينة تعز سلكنا الخط الدائري الجديد فإذا هو يعاني من الحفريات والاسفلت المتشقق وقد ظل هذا الخط كما هو دون تحسين منذ عام 2010م وقد ازداد سوءا ودمارا .
وفي طريقنا إلى مدينة عدن عبر طريق مدينة دمنة خدير ومدينة قعطبة حتى نهاية المثلث الفاصل بين الضالع ولحج وتعز وعدن كان هذا الطريق هو الأسوأ على الاطلاق ما عدا بضع كيلومترات مسفلتة ومرممة وناعمة فهو طريق منهار ومدمر وقد أنهكته الأمطار والمركبات بكل أنواعها وأحجامها وأوزانها خاصة الطريق المؤدي من الشريجة حتى المثلث وكأن المسافر على هذا الطريق يقود سيارته في طريق مفروش بأحجار (الكري) بالإضافة إلى التشققات والشروخ والحفريات على طول الخط إلى ما بعد العند .
أما الذي أزعجنا أكثر ونكد علينا رحلتنا فهو الزحام أمام نقاط التفتيش وإغلاق الطريق بالأحجار والبراميل أمام مئات السيارات المارة والسماح فقط لخروج سيارة واحدة بعد أن تجتاز فتحة صغيرة في ظل زحام يوجع القلب وبين كل خمسة كيلومترات نجد نقطة تفتيش أخرى وزحاما ومطبات بالجملة وكل من سوء الطريق ونقاط التفتيش والمطبات المصطنعة تحبط المسافرين وتطيل من زمن السفر وتصل ساعات الوصول إلى عشر واثنتي عشرة ساعة ما بين صنعاء وعدن وذلك بسبب تكرار الوقوف التي تجاوزت كل الحدود .
أما وجود الدولة وهيبتها وغياب رجال المرور والأمن فحدث ولا حرج .
وأخيرا ليس آخر فإن البنية التحتية للطرق قد انهارت تماما وإذا ما استمرت الأزمة السياسية تراوح مكانها وتعطيل المشاريع والطرق وعدم صيانتها فإنها سوف تكلف وتكبد الدولة مئات المليارات لإعادة تأهيلها ولا بارك الله بثورات الربيش العربي ¿¿