كتب الحرب

صدرت في الفترة الأخيرة سلسلة طويلة من الكتب في الولايات المتحدة وأوروبا خاصة عن الحرب العالمية الأولى 1914 – 1918 المعروفة بتوصيف «الحرب الكبرى» ذلك بمناسبة الذكرى المئوية الأولى على نشوبها.
وإذا كان العديد من تلك الكتب قد عاد إلى الحديث عن الحرب وما عرفته ساحاتها ودور أولئك الذين شاركوا فيها والعتاد والأسلحة التي شاركت فيها فإن دافيد رينولدس أستاذ ورئيس قسم التاريخ في جامعة كمبردج وأحد أشهر المؤرخين البريطانيين في الحربين العالميتين الأولى والثانية وصاحب العديد من الأعمال عنهما كرس كتابه الأخير للحديث عن آثار الحرب العالمية الأولى على القرن العشرين تحت عنوان «الظل المديد».
في هذا الكتاب يحاول المؤلف أن يشرح كيف كان للحرب العالمية الأولى تأثيرها الكبير على السياسة والثقافة خلال القرن العشرين كما على السنوات الأولى من هذا القرن الحالي الحادي والعشرين. والإشارة أنه إذا كان المؤلف يولي اهتمامه لمختلف البلدان التي ساهمت بفاعلية في تلك الحرب فإنه يركز على بريطانيا وإيرلندا بالتحديد.
ومن المسائل التي يتعرض لها المؤلف بالتحليل تلك التي تتعلق بمعرفة الأسباب التي كانت وراء تغيير النظرة للحرب العالمية الأولى ومدى حضور صورتها في الأذهان مع مرور الزمن ذلك وصولا إلى الفترة الراهنة.
ويتم في هذا الإطار استعراض مجموعة من الأفكار الأساسية التي سادت عن تلك الحرب الكبرى خلال القرن الماضي لدى الجماهير الشعبية وما يجعل الكتاب نوعا من «التأريخ الشعبي» لتلك الحرب. يشير المؤلف أن المبالغة الكبيرة في الفظائع التي ارتكبها الألمان عام 1914 في بلجيكا دفعت أصحاب القرار البريطانيين والأميركيين إلى عدم إعطاء مصداقية كاملة لما ارتكبه الألمان أنفسهم لاحقا من فظائع.
ويولي المؤلف اهتمامه أيضا لشرح تأثيرها على الثقافة وخاصة من خلال الدور الذي لعبه شعراء بريطانيون «مناهضون للحرب» مثل سيغريد ساسون الشاعر والكاتب والمحارب خلال الحرب العالمية الأولى الذي اشتهر بكتاباته ذات الطابع السلمي وكان له تأثيره على جيل من الأدباء يذكر المؤلف في مقدمتهم ويلفريد اوين الذي يعتبر أحد «أكبر شعراء الحرب العالمية الأولى» الذي اشتهر بتوصيفه لقسوة الحرب ورعب الخنادق واستخدام الغازات السامة.
أولئك الأدباء وغيرهم كان لهم أثرهم في تشكل مشاعر مناهضة للحرب ظهرت آثارها في المجتمع البريطاني خلال سنوات العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي. ويشير المؤلف في هذا السياق أن أولئك الكتاب والشعراء «السلميين» عاد الاهتمام بهم في الولايات المتحدة الأميركية وكذلك في القارة الأوروبية خلال سنوات الستينات أثناء الحرب في فيتنام.
ويؤكد المؤلف أن الحرب العالمية الأولى بما سببته من خسائر بشرية ومادية وما نجم عنها من آثار كانت كارثة حقيقية بالنسبة لأوروبا وللعالم كله.
المؤلف في سطور
 درس دافيد رينولدس التاريخ في جامعتي كمبردج وهارفارد وعمل أستاذا زائرا في هرفارد وفي جامعة «نيهون» اليابانية يعمل أستاذا في جامعة كمبردج وهو رئيس قسم التاريخ فيها منذ شهر أكتوبر عام 2013. من مؤلفاته «الحلفاء في الحرب» و«أصول الحرب الباردة في أوروبا» و«قيادة التاريخ» عن ونستون تشرشل في الحرب العالمية الثانية.

قد يعجبك ايضا