عيدوا وعادوا
محمد المساح
* وعاد الناس من جديد إلى ضجيج المدن إلى المكاتب والإدارات والمؤسسات إلى دكاكينهم .. إلى مطاعمهم ومخابزهم وكأن العيد مجرد لمحة عين انخطف نظرها فجأة أمام لمحة ضوء في ليل الحياة المعولم المعصور عصرا بالغرابة والإبهام وربما يقول قائل أن الأغلب انتهى العيد لديه قبل أن يحدث.. أو ينتهي أصلا ولنعتبره مجرد خاطرة عبرت في ذهن عابر سريع.. لم يتبين جيدا في منعطف مروره بأن في وسط الجولة إشارات المرور التي لاتنام حتى تستيقظ خلال ثوان وفي تبدلها اللوني من الأحمر إلى الأصفر إلى الأخضر ما أن يستقر الضوء الواحد حتى يليه الآخر. وقد عادوا.. وكأنهم شهدوا العيد في زمن أسطوري مغرق في الزمن القديم.
* حين كانت حاسة الشم عند الناس قوية.. فكان بقدرتهم حينها شم رائحة اللحمة في “القشوة” فتنتعش خياشيمهم بالرائحة الطازجة.. وتستقر في حاسة الشم تاريخا.. يؤرخون فيه لأطفالهم ومواليدهم أما الآن وفي اللحظة الحاضرة فقد عادوا.. وتسألهم هل عيدوا.. وعادوا .. أم أن الأمر مجرد مزحة.. أو حلم عابر على عموم العموم.. إنتقلوا إلى قراهم.. وعيدوا.. وعادوا يهرولون.. ويتراكصنون في شوارع المدن.. بعد اللقمة والوظيفة والشغل والمهرة.. حتى يأتي العيد الآخر الذي مازال في غيب الزمن القريب وحينها سيتذكرون أو لا يتذكرون.. هل سافروا بالفعل وهل هم مسافرون أوسيسافرون ويمضي العيد.. ويعودون الناس يرجعون ويذهبون.. فهل عيدوا.. وعادوا..¿ أم الأمر.. مجرد لمحة وخطفة عين.