غالبية الكتابات النقدية عندنا تغض طرفها عن الأعمال الإبداعية

حوار/ محمد القعود



رغم الدور الكبير والهام الذي يلعبه النقد الأدبي في خدمة وازدهار الحركة الثقافية والإبداعية إلا أن النقد الأدبي في بلادنا توارى وتقاعس عن أداء ذلك الدور وتخلف عن مواكبة الإبداع وعطاءاته المتلاحقة وجعل الكثير يتساءل عن سبب ذلك الجمود والغياب المتواصل.
وعن المشهد النقدي الأدبي في اليمن نحاول أن نسلط الضوء حول واقعه وما يحيط به من إشكاليات متعددة ومناقشة كل قضاياه وذلك من خلال لقاءات متعددة مع نخبة من المهتمين بالنقد الأدبي في اليمن.
وفي السطور التالية لقاء مع الأديب والناقد صلاح الأصبحي والذي تناول فيه العديد من الرؤى الثاقبة وناقش الكثير من قضايا النقد الأدبي وتوقف أمام العديد من جوانب مشهدنا الثقافي وفيما يلي حصيلة اللقاء:

تحريك المياه الراكدة
*هل لدينا نقد يواكب الإبداع في بلادنا..¿وكيف تقيم ما يقدم الآن من دراسات وكتابات تحت لافتة النقد.. سواء عبر الصحف والمجلات أو عبر الندوات والمهرجانات الثقافية¿
– بالنسبة للمواكبة النقدية للإبداع, فهذا أمر لم نصل إليه بعد ,ولو كنا وصلنا إليه فليس هذا حال الإبداع, وحاله لا يخفى على أحد ,لكن كل طموحتنا أن نحرك مياهه الراكدة ونقيم جسور تواصل ولحظات انتعاش, ونقدمه في صورة دافئة وملموسة بعيدا عن كل التوجسات ونبعد عنه كثيرا من الشبهات والشعارات التي أضرت به إلى حد جعلته مشكوكا به, ونعيد تصوراتنا ومفاهيمنا التي اختلفت مراجعها وتوهمت منابعها مما حدا بها صوب الجحيم وناحية الغياب.
اما تقييمي حول ما يقدم في الصحف والمجلات وعبر الندوات تحت يافطة النقد , فيجب على أن أكون خارج هذا الدائرة حتى استطيع أن أنظر إليها بعين الرائي ,كون البقاء فيها يوشك على الغرق في المتاهة و,كما أن التقييم لابد ان تكون مرجعية القارئ المقيم لطبيعة هذه الأعمال متنوعة بحيث لا يبدي رأيه حسب هواه أو ميوله الخاصة التي لا تكون بالضرورة موضوعية ,متعددة الجوانب والرؤى والتوجهات ,لكن مع هذا رغم البيئة القاحلة التي يجدب فيها كل نبات ويتصحر فيها كل زرع ,هناك كتابات لزاما علينا احترامها والإشادة بها , وهي لا شك مقاومة للجدب ,قادرة على إثبات وجودها وتخطي واقعها ,بل ومحفزة ,إلا أنها لا تتعدد أصابع اليد في ظل سيل جرار من الشتات ,من الكتابات المادحة المطربة , المبعثرة هنا وهناك ,وكلها لا تعمر في ميزان النقد لحظات كون الفرحة فيها لحظية ,وهدفها التقديم والتوريط لصاحب العمل الفني ,لا تشهره بقدر ما تضعه وسط المشهد الفني وعليه إثبات وجوده وتخطيه لذاته .
اتجاهات نقدية
*الاتجاهات النقدية الحديثة هل لها حضورها الفاعل في النقد اليمني.. وإلى أي مدى استطاعت مقاربة النصوص الإبداعية المحلية..¿
– من الصعوبة بمكان القول إن الاتجاهات النقدية مساهمة في النقد اليمني لأن المهتمين بهذا الشأن لا يتوقفون عند اتجاه واحد بحيث يكون نقدهم تحت ظله ,كما لم يكن المتخصص متحفزا لمذهب نقدي دون غيره, وهذا يفترض حين يكون عملنا جادا ممنهجا , رغم أن البعض ثبت مثلا على مذهب واحد , كالدكتور عبدالواسع الحميري الذي أهتم بالمنهج التأويلي, من زاوية أخرى كنت قد تحدثت عنها في مناسبة ما , أن غالبية الكتابات النقدية عندنا تغض طرفها عن الأعمال المحلية , ووجودها يأتي مهتما بأعمال عربية ولرموز شبعت كتابة ومدحا ,وهذه المشكلة بحاجة للوقوف عندها , كي نقدم لهذا الجيل الجديد شيئا يرفده ويحسن من تجاربه .
استفادة النص
*وكيف يمكن أن تسهم اتجاهات النقد الحديثة في تطور النص الإبداعي المنتج..¿
– كلما شعر الكتاب والمهتمون بالنقد أن نتاجهم النقدي يخضع لشروط الاتجاهات النقدية ورؤاها ومبادئها , وعليهم تقع هذه المسؤولية , ويتم التطلع عن كثب لتحديثات هذه الاتجاهات وتشعباتاها المختلفة غير المسطحة ,هنا يكون الإسهام في النص الإبداعي , ويتم محايثته والتوغل في جزئياته , والتقرب إليه تحت ضغط الاتجاه النقدي , كون هذا الاتجاه يلزمه بالتوصل لأمر ما بحسب مقتضاياته ومجريات آلياته , فتغيب العشوائية والكلام غير المحسوب على النقد , ويصبح العمل الإبداعي مهما ,كونه مادة علمية في هذه اللحظة نخضعه لهذا المنهج النقدي أو ذاك ,وهنا يستفيد النص بشكل أساسي من آليات هذا المنهج .
الناقد مثقف عارف
*من هو الناقد.. وما هي مميزاته وإمكانياته¿
– هذا سؤال خطير, وخطورته ليست من اليوم أو من الأمس , بل زادت خطورته الآن أكثر من أي وقت مضى , ويمكن القول إن خطورة هذا السؤال لها انطباعها وبخاصة في ثقافتنا العربية التي حاولت أن تجعله عائما بين كثير التخصصات , وغائما بين كثير من المجالات الفكرية والمجالات الإنسانية, وكونها لا تعلي شأنه في معارفها وعلومها ,ولم يأخذ صورته الحقيقية كما الأمر عند الغرب , الذي يصبح في

قد يعجبك ايضا