التوفل العظيم .. كلمة حق
يكتبها: علي بارجاء
لأننا لا نثق في لغتنا العربية التي اصطفاها الله لنا من بين كل اللغات ليجعلها لغة القرآن كتاب الإسلام آخر الأديان ولغة أهل الجنة. ولأننا لا نثق في مناهجنا التعليمية في مدارسنا وجامعاتنا وما ترسخه من علوم ومعارف ومهارات في طلابنا ولأننا مصابون بعقدة الخواجة ونتأثر بالغرب وننقاد له ونتبعه إتباع المقلöد. لأننا كل ذلك فرضنا على جامعاتنا أن تشترط على المتقدمين لمساقات الدراسات العليا اجتياز اختبار (التوفل) الموقر حتى في اللغة العربية وعلومها المختلفة الأدبية واللغوية والنقدية وفي التخصصات الاجتماعية والإنسانية كعلوم الدين والتاريخ والتربية. نعلم أن الهدف من ذلك هو تمكين الملتحقين بالدراسات العليا والمتخرجين في مساقات الماجستير والدكتوراه إجادة اللغة الإنجليزية وليس معرفة مصطلحات العلوم بهذه اللغة وهذا لا يتحقق بالتوفل العظيم وكان يمكن الاكتفاء بإضافة مادة إلى مواد التمهيدي تدرس فيها مصطلحات كل تخصص في اللغة الإنجليزية وتطور دلالاتها واختلافاتها من علم لآخر. ولنسأل كل من اجتاز التوفل المحترم وحصل على درجة الدكتوراه: ما الذي حقق له هذا التوفل في حياته العلمية¿ وهل استفاد منه ومكنه من الاطلاع على الكتب الأجنبية في اختصاصه, وقرأها في نسخها المكتوبة باللغة الإنجليزية أم أنه استعان بمترجم مختص أو اكتفى بقراءة النسخ المترجمة إلى العربية من هذه الكتب¿ نقول هذا بعد أن تبين حجم المعاناة التي يعانيها طلاب الدراسات العليا في مساقات الدراسات الاجتماعية والإنسانية لاجتياز هذه العقبة الكأداء وانعدام أو قلة جدواها في الحياة العلمية الأكاديمية. ثم ما الفرق بين أجيال من حملة الشهادات العليا خلال عقود مضت وفيهم أسماء لامعة ولهم ما لهم من مؤلفات ودراسات أثروا بها المكتبة والثقافة العربية وبين حملة هذه الشهادات ممن اجتازوا هذا التوفل البöدعة¿ فهل أولئك أقل علما ومهارة من هؤلاء¿ هل فرض التوفل شرطا للالتحاق بالدراسات العليا يجعلنا حقا كغيرنا من جامعات العالم ويؤكد أننا متطورون مثلهم¿ في الوقت الذي حفظنا شيئا وغابت عنا أشياء. غاب عنا أن في حملة الشهادات العليا ممن (توفلوا) من يخطئون في لغتهم العربية الأم نحويا وصرفيا وإملائيا في أحاديثهم وفي كتاباتهم وبخاصة إن لم يكونوا من أهل الاختصاص في علوم اللغة العربية ومع ذلك لم نفكر في اشتراط اختبار بديل يحل محل (التوفل) في اللغة العربية لأنها لغة التعليم والتأليف في مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا. إذ سيكون له أثر إيجابي وفاعل وسيعين طلاب الدراسات العليا في كتابة رسائلهم وأطروحاتهم بلغة وأسلوب صحيحين خاليين من أخطاء اللغة وبناء الجمل وسيظل أثره بعد تخرجهم وفي محاضراتهم بالجامعات.
إنها كلمة حق لا يراد بها باطل, نقولها للمراجعة والتراجع عن هذا الدخيل, اعتزازا بلغتنا ووجودنا وثقافتنا وحضارتنا, إن كنا حقا نشعر أننا أمة حية تقرر من تراثها ما ينفعها, لا أن تتعلق بهشاشة الغرب وتفرض لغته علينا لنظل تابعين له في كل شيء! فلنكن كبارا, وحاشانا أن نصغر حتى نقلöدهم, وندخل معهم في حتى جحر الضبö!