دعوات الاستنجاد بالشارع لإسقاط الوطن

د . محمد حسين النظاري

 - عندما يبلغ الإفلاس السياسي حدا لا يفرق الساسة بين ما يريدونه هم وبين ما تريده قواعدهم الشعبية يكون وقت ابتعادهم عن قيادة أحزابهم أمرا مفروغا بل وتتطلبه اللحمة الوطنية.. فما نشاهده
عندما يبلغ الإفلاس السياسي حدا لا يفرق الساسة بين ما يريدونه هم وبين ما تريده قواعدهم الشعبية يكون وقت ابتعادهم عن قيادة أحزابهم أمرا مفروغا بل وتتطلبه اللحمة الوطنية.. فما نشاهده هذه الأيام من رغبة كبيرة في إدخال البلاد بأتون أزمة جديدة قد لا يجد حلا لها بعدما وصل بشق الأنفس إلى حل أزمة عام 2011م.
ما نشاهده من استثمار الأزمات التي تصيب الوطن والمواطنين من قبل بائعي الوهم السياسي يجعلنا نتساءل : ماذا يريدون¿ ومن يخدمون¿ وبطبيعة الحال فإن إجابة هذين السؤالين يعرفهما الشعب اليمني تماما ولهذا رفض الانصياع إلى رغبتهم بإثارة الشارع من جديد فهو يعرف أنهم لا يريدون سوى السلطة وأن أعلنوا شعارات غيرها ولا يخدمون إلا أنفسهم وان غرروا بالبعض أنهم يخدمون مصالح المواطنين.
إن الضغط على القيادة السياسية لتحقيق ما يريدونه من خلال تزييف الحقائق والاستنجاد بالبسطاء من الناس الذين ما زالت تنطلي عليهم حيلهم.. أما غالبية المواطنين فقد وجهوا صفعة قوية لمروجي الفتن من خلال عدم الانصياع للخروج إلى الشارع وإشاعة الفوضى لإعادة البلاد الى المربع الأول.
نستغرب كيف يجيش مثل هؤلاء الشارع باسم الجرعة وهم أنفسهم جرعوا وما زالوا يجرعون البلاد والعباد جرعات لا عدد لها ولا حصر ومنها استسهال إراقة الدماء وعدم التورع في استهداف الجنود الذين مهمتهم الأساسية حماية الوطن والمواطنين لأنهم جزء أصيل منه.
الواعون فقط أدركوا أن من تسمي نفسها نخبا سياسية لا تتورع إطلاقا في إغراق البلاد وبالتالي إغراقهم في بحر لجي يغشاه موجه متلاطم من المنغصات التي يصطنعونها ومن ثم يوهمون العامة بأنهم قادرون على حلها مع انهم في الأساس من صنعوها.. ولهذا فإن ما مر به المواطنون خلال السنوات الثلاث الماضيات جعل الجميع يتفادى ان يكون مجرد دمية يحركونها ومن ثم يدوسون عليها متى ما بلغوا مرامهم.
علينا جميعا الوقوف خلف الرئيس عبد ربه منصور هادي فالرجل قطع مشوارا كبيرا في تجبير الجروح ولم يتبق لنا إلا السير في طريق المصالحة الوطنية فما تشهده البلاد العربية التي غمرها طوفان ما يسمى بالربيع العربي أحاط الجميع علما بفداحة الأوضاع لديهم وبأننا أفضل حالا منهم وسنكون أفضل بكثير إذا ما انهينا المتطلبات السياسية مثل إعداد الدستور والاستفتاء عليه ومن ثم الدخول في انتخابات يكون الصندوق هو الحكم الوحيد فيها.
على أولياء الأمور إدراك مدى خطورة ترك أبنائهم الصغار عرضة للتجاذبات السياسية وتسخيرهم ليكونوا وقودا لبعض المرضين من خلال تسييرهم في مظاهرات.. فالأسرة التي لا تعرف أين أبناؤها¿ تشارك وبقوة في الإضرار بالوطن.. وللأسف الشديد كثير من الصغار المغرر بهم لا يعودون للمنزل بسبب وقوعهم ضحايا للرصاص.. وبالتالي تخسر الأسرة أحد أفرادها بسبب عدم تعهده بالرعاية والاهتمام.
نقول لبعض المغامرين من مدعي السياسية اتركونا نكمل المشوار دعونا نعبر النفق المظلم كفوا أيديكم ووصايتكم عنا فقد بلغنا الرشد ونستطيع التفريق بين ما هو صالح وضار .. وإذا أردتم أن تسلكوا مسلكا يضر بالوطن فلا تشركوا الأبرياء في هذه الفوضى.. ستتفقون يوما عندما تحصلون على مصالحكم ولكنكم بطبيعة الحال تكونون قد قطعتم كل حبل بالوطنية فحب الوطن لا يبنى على تلبية المصالح الشخصية..ولا بالاستنجاد بالشارع لإسقاط الوطن.

* نائب عميد كلية التربية والعلوم بجامعة البيضاء

قد يعجبك ايضا