لماذا لا تكون جرعة التجار هي الطريق إلى الازدهار
جمال عبدالحميد عبدالمغني
لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يظل الشعب هو من يدفع الثمن دوما ولا يمكن أن يظل هو الحائط المائل الذي تتكئ عليه الحكومة لإنقاذها من الفشل ولا يمكن أن يظل أيضا هو الشماعة التي تعلق عليها الأخطاء للثقافة المتعاقبة والمستمرة.
* ألم يحن الوقت للوقوف بحزم أمام غول الفساد وبالذات رأس حربته كبار التجار¿ إذا لم تكن الجرعة القادمة موجهة إليهم فعلى الدنيا السلام وأقصد بجرعة التجار إيقافهم عن حدهم الذي لم يعد يطاق والذي نخشى إن استمر التواطؤ الرسمي معهم أكثر من هذا أن يصل البلد ونحن وهم إلى الجحيم إلى مرحلة الانهيار الفعلي لا سمح الله.
* ولا أقصد بجرعة التجار أن تضاف عليهم ضرائب جديدة أو ترفع عليهم النسب الحالية أو ما شابه ذلك بل أن تفعل المواد القانونية الرادعة وأن يتم تطويرها لتكون أكثر حزما وردعا وأن تطبق بشكل كامل على جميع المتهربين بدون استثناء وبصورة علنية وشفافة أمام الشعب وحتى يعلم كل أبناء الوطن من هم أعداؤه الحقيقيون فالمتهرب الكبير هو السارق الكبير الذي يسلب المواطن الجزء الأكبر من لقمة عيشه والمتهرب الأصغر هو أيضا السابق الصغير الذي يسلب المواطن جزء صغير من لقمة عيشه ولكنها تظل سرقة وكلاهما لصوص واستمرارهم بهذا النهج سيهلك الحرث والنسل.
* يجب على الدولة أن ترفع العصا الغليظة في وجه هؤلاء المتهربين لأنه لم يعد هناك أمام الأمة من خيار آخر فإما أن يحيا شعب كامل بحرية وكرامة وعزة ويسير البلد إلى الأمام وإما أن تزداد كروش هؤلاء انتفاخا واتساعا وفي النهاية نجد أنفسنا جميعا قد انحدرنا إلى الهاوية السحيقة.
* ويجب على التجار أن يسألوا أنفسهم لماذا تسرق أكثر من 90% ضريبة المبيعات التي يدفعها المواطن المسكين يوميا مضافة فوق سعر كل السلع التي يستهلكها¿ ولماذا لا نوصلها بأمانتها إلى خزينة الدولة كما يفعل الأوروبيون والأمريكيون والاسيويون وغيرهم من تجار العالم المحترمين والأمناء¿ وعليهم أيضا أن يخاطبوا ضمائرهم إن كانت لا تزال حية من الذي حلل لنا أخذ أموال البسطاء¿ وهل تراخي الدولة وفساد مسؤوليها وهزالة قوانينها هي السبب¿ نسأل الله الهداية للجميع.
* أخيرا قبل عدة شهور أحيلت ابنة ملك أسبانيا وزوجها الذي هو مدير أعماله إلى المحكمة بتهمة إخفاء جزء من دخل عارض حصلت عليه أثناء تقديم إقرارها الضريبي وفي إحدى الجلسات طلبت من المحكمة أن تصل بسيارتها الخاصة لأن الوقت متأخر والجماهير محتشدة لالتقاط الصور للأميرة المتهربة من الضرائب وهي في سيارة السجن وتخشى أن تعرقل الجماهير وصولها إلى المحكمة في الوقت المناسب ولكن المحكمة رفضت طلبها وأصرت على وصولها مثل بقية المجرمين على السيارة المخصصة لنقل أمثالها وهي أميرة بنت ملك وملكة فكم متهرب ضريبي أوصلناه إلى المحكمة أو السجن في اليمن¿¿ حتى على متن طائرة خاصة!!