المساجد في رمضان .. بوابة العمل الخيري

عبدالناصر الهلالي


المبادرة لفعل الخير تحتاج إلى عزيمة وإحساس بحاجات المحتاجين, وتحتاج – أيضا – إلى معرفة حقيقية بمن هو المحتاج الحقيقي للمساعدة.
بعض الجمعيات الخيرية تفشل في هذا, البعض تعمل على أساس حزبي, ولا يهمها من المحتاج للمساعدة, على عكس ما تفعله بعض المساجد في رمضان تحديدا كما هو حال مسجد الأسطى في حي الجراف الشرقي, القائمون على هذا المسجد قدموا تجربة ناجحة في رمضان قلما تجدها في مسجد آخر.
في كل عام من شهر شعبان يبدأ خطيب وإمام مسجد الأسطى إبراهيم زبيدة في حث الناس عقب كل جمعة على جمع ما يقدرون عليه من النقود لشراء مواد غذائية للمحتاجين في رمضان, ومع حلول شهر رمضان يكون قد جمع أكثر من مليون ريال.
يحرص (زبيدة) في الأيام الأولى من رمضان على شراء المواد الغذائية بالمبلغ الذي توفر.
قبل أن يتم التوزيع يتم حصر المنازل التي يعيش فيها أكثر الناس حاجة للمساعدة.
يقول الشيخ إبراهيم زبيدة, إمام جامع الأسطى : “لدينا (150) أسرة يتم توزيع المواد الغذائية عليها في بداية رمضان, وسوف نضيف (30) أسرة ممن هم بحاجة للمساعدة”.
الشيخ إبراهيم, الذي يساعده عدد من الخيرين في الحي, استطاع هذا العام والأعوام المنصرمة تأمين حاجات الفقراء في الحي في شهر رمضان والعيدين, وفي كل عام يزيد عدد الأسر المحتاجة في ظل الظروف التي تعيشها البلاد إجمالا.
وبحسب آخر مسح قامت به منظمة دولية فإن عشرة ملايين نسمة من سكان اليمن يعانون الفقر, نصف هذا العدد لا يجدون القوت اليومي.
حالات النزوح الناتجة عن الحروب المستمرة التي اشتعلت في غير مكان من البلاد وسعت دائرة الفقر, وهذا يتطلب فعل المزيد تجاه المحتاجين.
كل حي في المدن اليمنية لا يخلو من مسجدين أو ثلاثة مساجد, وإذا ما اقتدى القائمون على تلك المساجد بتجربة مسجد الأسطى فمن الممكن أن تخفف كثيرا من فقر الناس في تلك الأحياء, غير أن هذا لا يتم, وغالبا ما يذهب خطباء المساجد بعيدا في جمع الأموال من المصلين, كما هو الحال في الجمعيات التي تجمع الأموال لصالح المسلمين في دولة وقع عليها ضرر ما, هذا أمر جيد, لكن عندما يكون في اليمن عشرة ملايين فقير فإن جمع الأموال مقدم لهم, عملا بـ “الأقربون أولى بالمعروف”.
مسجد الأسطى كان السباق لفعل خير كهذا, المطلوب الاقتداء به.
في هذا المسجد لا يكتفي القائمون عليه بجمع الأموال لتلبية احتياجات الفقراء في رمضان فقط, إنهم يجمعون الأموال طوال العام لشراء ملابس لأبناء تلك الأسر (أيتام, أرامل, معوقين) وغيرهم من المحتاجين, إلى جانب توفير اللحوم لهم طوال أيام العيد, وهذا ما يحدث – أيضا – في عيد الأضحى المبارك.
نظرة ممعنة إلى حاجات الناس الماسة لسد رمق الجوع ستدفع الجميع للمبادرة إلى فعل الخير وحض الناس على ذلك, والكثيرون في هذه البلاد بحاجة لذلك.

قد يعجبك ايضا