بين الزكاة والصدقة

ياسر ثابت عبدالله

ياسر ثابت عبدالله –
إن مما يجدر أن ننبه إليه هنا أن كثيرا من المسلمين يقع خطأ في الخلط بين الزكاة المفروضة والصدقة المستحبة وذلك راجع إلى أن القرآن قد أسمى الصدقة بالزكاة في قوله تعالى : (خذ من أموالهم صدقة), بينما الحقيقة غير ذلك كما سنأتي على توضيحه فالله سبحانه وتعالى قد أسمى الزكاة بالصدقة لحكمة يستنبطها المؤمن ويستدل على صدق استنباطه من آيات القرآن وأحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم, التي تتحدث عن الزكاة وعن الصدقة وهذه الحكمة هي أن الزكاة لا تكون مقبولة عند الله ومكفرة لذنوب صاحبها وخطاياه إلا إذا أداها طيبة بها نفسه صادقا فيها مع الله ومع الناس ومع نفسه لهذا جاءت بمعنى الصدقة المشتقة من الصدق.
ولنأتي إلى توضيح الفرق بين الزكاة والصدقة فنقول إن الزكاة حق معلوم ومقدار في أموال تجب عليهم لإخوانهم ممن تجب لهم وهي تعتبر دينا وأمانة في أعناقهم ولا تبرأ ذممهم أمام الله إلا بأدائها بتمامها وكمالها وشروطها وفي هذا الشأن يقول المولى جل وعلا في وصفه للأخيار من عباده الذين يستحقون الإكرام في جناته : (وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم).
بينما الصدقة المستحبة حق ولكنه ليس معلوما في أموال الأغنياء لإخوانهم من المستحقين والضعفاء كما انه ليس محددا ولا مشروطا كالزكاة ولصاحبه أن يدفعه بنفسه إلى من يراه مستحقا له غير أنه يجب عليه أن لا يتبعه بالمن والأذى وإلا أفسده وأبطله لقوله سبحانه : (يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى) وللتدليل على الفرق بينها وبين الزكاة يقول الله سبحانه وتعالى في وصفه للمتقين المحسنين من عباده (وفي أموالهم حق للسائل والمحروم), (22- المعارج).
فكثير من العلماء يرى أن الله سبحانه وتعالى لم يذكر كلمة (معلوم) في هذه الآية للتفريق بين الصدقة والزكاة ولا ننسى أن نذكر بآية هامة في كتاب الله جل وعلا والتي منها ندرك بوضوح الفرق بين الزكاة والصدقة واستقلالية كل منهما استقلالا تاما ولا يغني أو يقوم أحدهما مقام الآخر كما يتوهم كثير من الناس بأي حال من الأحوال. ومن الآية أيضا نرى أنه لا يمكن للمرء المسلم الذي يمتلك المال أن يبلغ درجة البر والإيمان الكامل الخالي من النفاق وحب الدنيا وزينتها إلا إذا أتى بالصدقة علاوة على الزكاة المفروضة وانفق من ماله ما يسد حاجة الفقراء والمحتاجين وساعد على أن تختفي مظاهر الحاجة والفقر والعوز في المجتمع المسلم مستشعرا أن المال مال الله وأنه ليس سوى وديعة لديه وعليه أن يبذله في وجوه البر والإحسان استجابة لنداء الله سبحانه وتعالى: (وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه), والآية الكريمة التي نريد ذكرها للتدليل على ما قلناه هي قوله تعالى: (ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون).
ومن يتأمل الآية ويتدبرها بخشوع يجد فيها ردا شافيا على من يقول بأنه ليس في المال حق سوى الزكاة, ونرى أننا لسنا في حاجة إلى إثبات أو شرح أو توضيح أن في المال حقا غير الزكاة بعد هذا النص القرآني الصريح.
الإدارة العامة للواجبات الزكوية

قد يعجبك ايضا