(الترغيب في الصدق)

الشيخ/ صبحي زايد

من الصفات التي أمر الله بها عباده المؤمنين وكذلك أمر المعصوم صلى الله عليه وسلم أمته في الكثير من أحاديث وهو الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى الصدق وهو علامة حقيقية على صدق الإيمان بالله فما ماهية الصدق ومنزلته في الكتاب والسنة هذا ما سوف تتعرف عليه أيها القارئ الكريم فهو « اسم الحقيقة الشيء وصولا ووجودا وهو حصول الشيء وتمامه وكمال قوته وحديث ربنا في القرآن الكريم عن الصدق كثير وكثير من ذلك ربطه سبحانه وتعالى بين الإيمان والصدق في قوله « يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين» وقوله» من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا كما أن الحق سبحانه وتعالى يصف ذاته العلية بالصدق في آيات كثيرة فقال تعالى» ومن أصدق من الله حديثا» وأيضا « ومن أصدق من الله قيلا» والآية الجامعة في سورة البقرة آية « ليس البر» ختمها رب العزة سبحانه وتعالى بقوله « أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون».
وكان من دعاء الأنبياء في القرآن الكريم أن يرزقهم الله تعالى الصدق في كل شيء في الأقوال والأفعال فيأمر ربنا سبحانه وتعالى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقوله «وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا» وكذلك يدعو الخليل إبراهيم عليه السلام بقوله «وأجعل لي لسان صدق في الآخرين» وإذا كان ربنا سبحانه وتعالى يأمرنا بالصدق فكذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم يأمرنا ويحضنا على ذلك فيقول صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال «عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا» ولما لا يأمر الحبيب الصادق المصدوق بالصدق والصادق الأمين كان لقبه عند أهل الجاهلية قبل الإسلام وهذا ما شهد به الأعداء قبل الأصدقاء فهذا هو هرقل ملك الروم يسأل أبا سفيان بن حرب عن أخلاقه صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيقول عنه «ما جربنا عليه كذبا قط بعدما سأله هل كنتم تتهمونه بالكذب فقال هرقل بحكمة غالية «ما كان ليدع الكذب على الناس ثم يكذب على الله» وهذا هو النظر بن الحارث يقول: لما تآمرت قريش على أن يشيعوا عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه ساحر فقال «قد كان محمد فيكم غلاما حدثا فكان أرضاكم فيكم وكان أصدقكم حديثا وأعظمكم أمانة حتى رأيتم في صدغيه الشيب وجاءكم بما جاءكم قلتم ساحر والله ما هو بساحر وحقا كما قال الشاعر العربي.
ومليحة شهدت لها خبراتها… والحق ما شهدت به الأعداء.
ومن هنا فإن المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم في أحاديثه الشريفة يكثر من الأمر بالصدق والحض عليه فعندما سئل صلى الله عليه وعلى آله وسلم من خير الناس فقال « ذو القلب المخموم واللسان الصدوق».
والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ينفي الإيمان والإسلام عن الرجل الكذاب ففي الحديث عندما سئل صلى الله عليه وعلى آله وسلم « أيكون المؤمن بخيلا قال نعم أيكون كذابا قال نعم أي قد يكون مؤمنا بالله وعنده خوف أو جبن وهذا لا ينفي الإيمان بالله عنه ولكن عندما سئل أيكون المؤمن كذابا فقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم «لا» إذن إن من يكذب على الناس ويقلب الحقائق ليس من المؤمنين في شيء كما وضح ذلك المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومن هنا لا بد أن نتخلق بهذا الخلق الرفيع تأسيا بالنبي المصطفى والرسول المجتبى صلوات الله وسلامه عليه وكذلك أصحابه والتابعون لهم فهذا هو موقف صدق من مؤذن الصدق بلال بن رباح رضوان الله تعالى عليه عندما ذهب هو وأخوه ليخطب أخوه امرأة قرشية شريفة فقال لأهلها نحن قد عرفتم كنا عبدين فأعتقنا الله عز وجل, وكنا ضالين فهدانا الله تعالى, وكنا فقيرين فأغنانا الله تعالى, وأنا أخطب إليكم فلانة لأخي فإن تنكحوها له فالحمد لله وإن تردونا فالله أكبر فرضوا بأخيه زوجا لابنتهم فعندما خرجوا قال له أخوه تترك مشاهدنا مع الرسول وسوابقنا وتذكر ذلك, فقال له صدقت فأنكحك الصدق.
فحري بنا أيها الإخوة المسلمون أن نكون صادقين مع ربنا ومع أنفسنا ومع الناس حتى يرضى الله تعالى عنا في الدنيا والآخرة, اللهم آمين.

قد يعجبك ايضا