جمهورية النازحين!!

د. حسين العواضي


* في مكان ما¿ على خريطة العالم تقع جمهورية النازحين جمهورية ذات سيادة لها علم ونشيد وطني ومطار تعيس ومنتخب أتعس يلقبونه بالمسخرة.

* شرطة المرور فيها لا تقدر على ضبط المخالفين والمتجاوزين وبها محكمة دستورية عليا تعلن كل شهر عن حاجتها إلى منظفات ومواد قرطاسية.

* جمهورية النازحين.. نازحون في الشمال.. ونازحون في الجنوب.. نازحون من البحر.. ونازحون إلى الصحراء.

* كل أسبوع تقفر قرية.. وكل يوم تقطع طريق.. وكل ساعة تشكل لجنة.. وكل خمس دقائق يصدر بيان نعي لشهيد جديد.

* جمهورية لا ضمان فيها ولا أمان.. لا قبس ولا حطب.. أهلها التعساء الثائرون الطيبون يقضون نصف حياتهم في الظلام.. والنصف الآخر في طوابير الوقود.

* جمهورية تمضي إلى المجهول.. ليس لها أعداء.. وليس لها أصدقاء.. وأبناؤها الغافلون الجشعون المتصارعون على ما تبقى من مهرها.. وإسمها.. وسمعتها.. يجرونها إلى الهاوية.

* ليست جمهورية أفلاطون.. ولا جمهورية ذي القرون.. إنها جمهورية – حمران العيون – الذين يعنون ما يقولون حين يصرخون بعصبية وجنون.. الجمهورية أو الموت.

* خمسة أوستة أشخاص يتحكمون في مصير هذه الجمهورية البائسة لا أحد من سكانها يمكنه أن يفتح صالون حلاقة بدون رضاهم.. ولا أحد يستطيع أن يختن طفله دون مباركتهم!

* ترى ما حاجة هذه الجمهورية المقفلة إلى وزارة سياحة¿ ولم يطأ أرضها سائح واحد منذ سنوات وإن غامر وفعل فإنه إما مخطوف أو مرهون أو مسلوب.

* وما حاجتها إلى وزارة لحقوق الإنسان والمذكورون أعلاه يمنحون الحقوق لمن يشاؤون.. وينصبون السجون لمن يرغبون..¿!

* ما حاجة جمهورية النازحين إلى مجلس أعلى للقضاء ومجلس أسفل للإحصاء وهيئة وطنية لمكافحة المبيدات ومركز وطني للأرصاد وتهذيب المتطرفين.

* جمهورية النازحين الديمقراطية الاتحادية الشعبية العظمى يفترض أن تعيد النظر في تسمية مؤسساتها وساستها وسياستها.

* تفرض الضرورة وأمانة المسؤولية أن ينشأ مجلس أعلى لرعاية النازحين وآخر للأيتام وأسر الشهداء.

* مثل هذا مجلس سيجد له طلبا وحاجة وعملا من اليوم الأول وهو أجدى وأهم من المجالس العليا التي لا مهام لها ولا عمل غير الذهاب لصلاة العيد.. وزيارة وزارة المالية والبنك المركزي.

* ومن حق النازحين الذين سيصبحون أغلبية في الشورى والنواب أن تكون لهم إذاعة وصحيفة وقناة فضائية يديرها المذيع النازح محمد المحمدي.

* جمهورية النازحين تطلب الفرج من المانحين ولا تطلبه من أرحم الراحمين جمهورية – مفقرة – تعيش على صدقات البنك الدولي.. والصندوق الأسود للإنماء والتنمية.

* جمهورية محاصرة الكلاب والذئاب من داخلها والصحراء وأسلاك الموت الصاعق من خارجها كتب عليها أن تعيش الظلام.. والخوف.. والقلق.

* الأشقاء.. والأصدقاء.. يتفرجون عليها بعضهم يرثي لحالتها فيغرد بأربع كلمات في الفيس بوك وبعضهم يرقص طربا وشماتة حتى وإن بعث برقيات التعاطف والمواساة.

* هذه ليست جمهورية العمري ولا عبدالرقيب عبدالوهاب كما أنها ليست جمهورية لبوزة وقحطان الشعبي.. إنها جمهورية حمران العيون الذين لا يشبعون ولا يعقلون وحين يبدأ الحوار وتظهر معالم الدولة المدنية يصرخون: الجمهورية أو الموت.

قد يعجبك ايضا