استحضار صوت العقل ومنطق الحكمة!

كتب/المحرر السياسي


يدرك المتابع الحصيف للأوضاع العامة في البلاد أنها تمر بلحظات صعبة هي أحوج ما تكون فيها إلى استحضار صوت العقل ومنطق الحكمة اللذين بفضلهما حتى الآن قطع اليمنيون أشواطا مهمة على مسار تحقيق الانتقال السياسي في تجربة مميزة ومدهشة جعلت منها محط أنظار المجتمع الدولي بأسره لأنها انتصرت للسلم واحتكمت إلى لغة الحوار وآثرت مصلحة الوطن على ما سواها من مكاسب شخصية أو حزبية أو فئوية.
والمطلوب اليوم أن تراجع كل القوى السياسية والأحزاب مواقفها الحالية وأساليب أدائها لتعود مجددا إلى دائرة تحكيم العقل والمنطق وأن ترفض بكل قوة كل ما يمكن أن يعرقل تطلعات جماهير الشعب الصابرة والصامدة من أجل حياة كريمة وآمنة مطمئنة تسودها روح المواطنة والعدالة والشراكة في السلطة والثروة طبقا لما أقرته مخرجات الحوار الوطني وبعيدا عن اللجوء إلى خيارات القوة أو العنف والاحتراب.
ويستوجب ذلك قبل أي شيء أن تسمو الأطراف الشريكة في عملية التأسيس لليمن الجديد فوق الصراعات الشخصية والثأرية من أجل وطنها وشعبها وأن تدعم بإخلاص وصدق الجهود الكبيرة التي يبذلها رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي في سياق سعيه الحثيث لتنفيذ كل مقررات الحوار وفي الصدارة منها عملية كتابة الدستور الجديد باعتبارها أهم خطوة جوهرية يجب إنجازها لتحقيق شكل الدولة الجديد وبناء مؤسساتها الدستورية والقانونية وصولا إلى إجراء الاستفتاء والانتخابات.
ومن المؤكد أن قرارات الرئيس الأخيرة المتعلقة بالتعديل الحكومي وما رافقها من تعيينات في بعض المؤسسات والأجهزة الحكومية إلى جانب توجيهاته وتعليماته المستمرة للحكومة جاءت كلها نابعة من حرصه الكبير على تصحيح العثرات والاختلالات وتصويب أداء الدولة المتعلق بالوضع الخدمي والاقتصادي والذي يمس مباشرة مصلحة المواطنين بغض النظر عن صراعات القوى أو رغباتها ومناكفاتها.
وهنا لا بد من الإشارة إلى جهود رئيس الجمهورية المتواصلة والرامية إلى توحيد الصف الوطني ومن ذلك لقاءاته الأخيرة بقيادات بارزة في”الحراك الجنوبي” لإزالة ما يكون لديها من تحفظات أو لبس حول مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وكذا توضيح ما تضمنته من حلول مثالية ومنصفة لمعالجة”القضية الجنوبية” في إطار بناء الدولة اليمنية الجديدة الواحدة الموحدة القائمة على أسس أكثر عدلا وديمقراطية ومشاركة.
واستنادا إلى ذلك فإن معركة اليمنيين كلهم في هذه اللحظة لا ينبغي أن تكون ضد بعضهم ولا من أجل عرقلة مسار التغيير المنشود أو محاولة الالتفاف عليه بأي شكل من الأشكال خاصة في ما يتعلق بإثارة العراقيل المختلفة ودعم مرتكبيها أو في ما يتصل بتبني الخطابات التحريضية والعدائية التي تتنافى مع روح الوفاق الوطني ولا تستشعر مخاطر ما يمكن أن يصبح عليه حال البلاد إذا ما انفلت عقال الفوضى- لاسمح الله- أو اتسعت دائرة العنف والصراع.
ولاشك أن التصريحات الأخيرة لسفراء الدول العشر الراعية للعملية الانتقالية وكذا تصريحات بعثة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لدى بلادنا قد حملت قدرا كبيرا من المخاوف والتحذيرات والتي يجب أخذها بعين الاعتبار من قبل كل القوى والأطراف السياسية.
كما أنها من ناحية ثانية جاءت لتؤكد استمرار دعم المجتمع الدولي والأشقاء الخليجيين للرئيس هادي ومساندة قراراته وإجراءاته في مواجهة التحديات سواء تلك الناجمة عن المواقف غير المسؤولة لبعض القوى أو تلك الناشئة عن التصرفات الطائشة والمتهورة لبعض الأطراف والتي لوحظ أخيرا – وبما لا يدع مجالا للشك – أنها تسعى جاهدة لتقويض مسار الانتقال السياسي لحساب مشاريعها الواهمة والدونية وهو ما لن تسمح به الدولة قيادة وشعبا ولا المجتمع الإقليمي والدولي.

قد يعجبك ايضا