اعتزال أشهر نصاب!!
الدكتور/ حسين العواضي
النصابون كائنات ذكية والغالب أن يقودهم هذا الذكاء إلى التهلكة لكنهم لا يعتبرون ولا يتعلمون والاحتيال عندهم مهنة وهواية يستمتعون به حتى وهم يدفعون ثمنه باهظا.
والنصابون مقامات.. ومقاسات أنواع ودرجات بعضهم يطلقون على أنفسهم نصاب محترم لأنهم يحتالون على المغفلين من الأثرياء الكانزين ولا يقربون مال الأيتام والمساكين.
النصب أشكال. وألوان.. أخطره النصب السياسي الذي تعقد صفقاته لتدمير الشعوب وبعد الأزمات والحروب تقسم الخرائط وتوزع الغنائم وتنفذ أحكام الأقوياء على الضعفاء.. والمنتصرين على المهزومين.
مظاهر النصب السياسي في عصرنا الراهن معروفة من وعد بلفور.. إلى معاهدة سايكس بيكو.. ومن غزو العراق وتدميره إلى الفوضى الخلاقة وعاد في الأفق ما لا يسر ولا يروق.
وهناك نصب سياسي دولي.. ونصب سياسي إقليمي ثم نصب سياسي محلي والأخير يمارسه هواة جشعون ومغفلون والشعب المسكين يدفع ثمن نصبهم اللعين.
للنصابين جوازات وجنسيات ورتب وألقاب يعرف العالم الذي اكتوى بحيلهم البارعة أسماءهم وعناوينهم.. وتدرس سيرهم في كليات الشرطة ومعاهد الانتربول.
من أشهر النصابين النصاب الفرنسي الذي باع برج إيفل الباريسي الشهير بعد أن تقمص شخصية رجل أعمال مرموق.
أستطاع لوستيج أن يقنع أحد تجار الحديد الأميركيين المغفلين أن مدينة باريس بعد الحرب العالمية تمر بضائقة مالية خانقة وأنها قررت أن تعرض برجها الحديدي الشامخ للبيع.
وظن التاجر الأميركي أنه سيجني ثروة طائلة من بيع خردة المعادن التي يتكون منها البرج فدفع للنصاب الفرنسي الثمن المقترح وأختفى لوستيج وذهبت الدولارات الأميركية مع الرياح.
الواقعة معروفة وقد أصبحت مزحة فرنسية مسجلة يتندر بها أهل باريس على الأميركيين الأغبياء.
ومثل – لوستيج- فعل النصاب الأميركي الشهير جورج باركر .. حيث حصد مبالغ هائلة من بيع بعض معالم مدينة نيويورك للسياح الأثرياء المغفلين.
إن لكل بلد نصابا تفاخر به وتكتوي بحيله هناك نصاب فرنسي ..ونصاب أميركي ثم نصاب سعودي ونصاب مصري وهكذا على عدد مقاعد الجامعة العربية .. ومنظمة الأمم المتحدة.
ولنا من هذا – الشرف – نصيب إذ مر بتاريخ اليمن نصابون كبار ومشاهير ربما يحتاج التذكير بمقالبهم ومغامراتهم إلى أكثر من هذه المساحة.
وتأتي أخبار أشهر نصاب يمني على قيد الحياة من ماليزيا هنا يستريح المحارب المحتال في منفاه الاختياري هربا من الملاحقات القانونية وخوفا من السجون المظلمة.
المذكور أعلاه قرر في لحظة صفاء أن يعتزل مهنته وأعلن ندمه واعتذاره لأسرته .. واصدقائه وضحاياه.
وعلى مسؤوليته وعد أنه لن يعود لسنوات الشقاء التي نفذ فيها العديد من المهام القذرة والمستحيلة قادته بعضها إلى السجون , وبعضها إلى فنادق الخمسة نجوم.
قبل سنوات سمعت عنه قصصا أغرب من الخيال وكانت أمنيتي أن أشرب معه القهوة في مقهى زهرة الميدان بالدقي_ وجيوبي فارغة- لا اتعرف على أسطورة النصب الأنيق.
وأكثر من شاهد حال يؤكد أن هذا النصاب شخصية لطيفة شهم وسخي ومحترم ينصب على الرؤساء والأثرياء والأمراء وينفق على المرضى والطلاب والمعوزين.
نحن لا نمتدح النصب ولا نحرض على احترافه لكن هذه الحالة تؤكد أن لليمني .. سبقا وباعا في أخطر المهن .. وأنه كائن خرافي لا ينصب إلا من يستحق أن ينصب عليه.