تراجع في الإقبال وعزوف عن الكتاب الثقافي والعلمي لصالح عناوين التنمية البشرية
كتب /محمد صالح الجرادي
يعتقد بائعو الكتب أنه ما من تأثير مؤكد للتسارع التكنولوجيا وتطور تقنية المعلومات على مستوى الرغبة في اقتناء الكتاب الورقي والحصول عليه عن طريق الشراء من محلات خاصة بشراء وبيع الكتب لكنهم يتفقون على تراجع نسبة الإقبال على شراء الكتاب من المكتبات لظروف اقتصادية بالدرجة الأولى ثم للظروف العامة التي تعكس حالة من اللااستقرار ومظاهر اندحار وانتكاس العمليات التعليمية والثقافية.
ومقابل ذلك فإن ارتفاع أسعار الكتب في المكتبات الخاصة ساهمت في تقليص نسبة الإقبال على شراء الكتاب بما في ذلك قراء محترفون كانوا لسنوات طويلة زبائن معتمدين لدى أصحاب المكتبات كان لا يفوتهم ما تجلبه المكتبات من إصدارات حديثة في الآداب أو التاريخ أو الفكر وغير ذلك ويستطيع اليوم بعض أصحاب المكتبات إحصاء ما تبقى من أعداد قراء معروفين ما يزالون على علاقة باقتناء وشراء الكتاب بين الحين والآخر.
في زيارة سريعة إلى مكتبة خالد بن الوليد وهي من أشهر المكتبات بل من أشهر دور الكتب التي تشتغل على طباعة ونشر الكتاب وتشارك في معظم المعارض الدولية الخاصة بالكتاب تبين لنا أنه ما من شيء يصد رغبتك في اقتناء كتاب تبحث عنه عدا ثمنه الباهظ.
ويتجول زوار المكتبة في أجنحتها متطلعين إلى عناوين الكتب والسؤال عن أثمانها لدى أحد العاملين فيها باستثناء أولئك الذين يظهر عليهم أنهم مضطرون لشراء ما يبحثون عنه من كتب لأغراض بحثية دراسية.
قلت في نفسي زيارة واحدة وخاطفة لا يمكن البناء عليها فتوجهت بأسئلتي إلى مدير أعمال ومبيعات المكتبة عبدالرحمن الحزمي والذي لم ينفö من جانبه ارتفاع سعر الكتب لكنه أفاد: “هناك إقبال لا بأس به وخصوصا من فئتي الشباب والشابات وهناك إقبال من النساء وبخاصة لشراء الكتاب الذي يستهدف التنمية البشرية”.
وفي حين يؤكد تراجع الإقبال على الكتاب الأدبي والثقافي فإنه يشير إلى نسبة ضئيلة جدا ممن يصلون إلى المكتبة لشراء هذا النوع من الكتب وهم بالطبع أدباء وكتاب.
تفاوت سعري
ويميز مكتبة خالد بن الوليد أجنحتها المتعددة التي تتيح لزائرها التنقل والبحث السهل عما يريد شراءه قبل أن تقذف به عدم القدرة على شراء ما يرغب إلى خارجها ومع ذلك لا يملك عبدالرحمن الحزمي من تأكيد أكثر من أن المكتبة تحرص على تقديم خدماتها لزوارها بما يناسب ظروفهم الاقتصادية وأن أسعار الكتاب تتفاوت من كتاب لآخر بحسب نوعه وحداثته وقيمته الفكرية والمعرفية.
الكتاب التاريخي أكثر قراءة
في مكتبة ابن خلدون -وهي مكتبة شهيرة أيضا- أكد لنا باسم طه نسبة التراجع الكبيرة في الإقبال على شراء الكتاب وأفاد بأن أسعار المعروضات لديه من الكتب تتراوح بين 2000 – 4000 ريال لكن ما يستطيع أن يشرحه باسم هو أن فئة الشباب هي الأكثر من حيث الإقبال على الشراء وأن هناك رغبة قرائية لدى أغلب من يزورون المكتبة ويقومون باقتناء وشراء الكتب المتعلقة بالتاريخ.
ولا ينكر باسم طه أن مجموعة من الظروف التي تعيشها البلاد منذ السنوات القليلة الماضية قد أثرت بشكل كبير على مستوى الإقبال على شراء الكتاب فضلا عن مساهمة التكنولوجيا وتقنية المعلومات في هذه الحالة لكنه لا يراها هي السبب الرئيس.
المسنون يقرأون
وعلى عكس الإفادة التي قدمها باسم طه في ما يتصل بالفئة التي هي الأكثر شراء للكتاب وجدنا في مكتبة أبو ذر الغفاري -وهي من أشهر المكتبات- أن فئة الكبار والمسنين هي الأكثر ارتيادا للمكتبة وشراء لمعروضاتها.
هذا ما قاله لنا صاحب المكتبة -رفض ذكر اسمه- قبل أن يؤكد أيضا أن الكتاب الأدبي والثقافي هو الأكثر مبيعا في المكتبة.
وعدا ذلك أفادنا بأن نسبة التراجع مؤكدة وهي حالة سببها الظروف الاقتصادية والمعيشية وأن كثيرين ممن اعتادتهم المكتبة كقراءة لم يعودوا قادرين على اقتناء ما يرغبون به من الكتب بسبب أسعارها المرتفعة.
