الأنانية زادت من معاناة المواطن
محمدالعريقي

بلادنا ( أرض ومناخ ) بتنوعها التضاريسية والمناخية , تعد أفضل من بعض الدول في المنطقة , وفيها من الثروات التي لم تستغل ما يجعلها في وضع متقدم , ولكن الإنسان فيها وفي مقدمة ذلك من يتصارعون على السلطة والوجاهة والنفوذ , والمال , والخاملون من النخب السياسية والثقافية , كل ذلك ساهم في أن تكون البلاد في هذا الوضع المقلق , حيث ترك الإنسان ضحية الجهل , والصراعات الشيطانية , وهذه هي من جملة عدد من أسباب التخلف الذي يعيشه الإنسان اليمني .
والمحزن أن الكثير من مشاكلنا يمكن التغلب عليها بالوعي والإخلاص في العمل والابتعاد عن الأطماع الأنانية التي هي المظلة الرئيسية لكل التصرفات والتشوهات القيمة والتصرفات المزعجة التي نلمس انعكاساتها وتداعياتها التي أصبحت تؤثر على أمن وسلامة الوطن, وتجلب المعاناة والحرمان والشقاء والتعب للمواطن, ولا داعي هنا أن نفندها ونفسرها بالتفصيل , فكل شيء باين ومؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر ( والحليم تكفيه الإشارة ).
وإذا كان من الصعب أن نروض الطباع المعجونة بالأنانية عند من يتصارعون ويخلقون الفتن والأزمات , فإنه بالإمكان أن نلفت انتباه المواطن من أي شريحة اجتماعية يكون , نقول لمن يتجاوز بعمله وسلوكياته :اتق الله في حق نفسك , وفي حق إخوانك وأبنائك الذين تعيش معهم في هذا الوطن الذي هو ملك الجميع .
المواطن العادي نلومه أكثر لأن ممارسته وسلوكه الخاطئ في أي شيء يضر بالآخرين, وهو بنفس الوقت لن يكون بمنأى من أضرار سلوك وتصرفات خارجة عن نطاق الذوق العام صادر من غيره ( كما تدين تدان ), وهكذا جميعنا نتشارك في تصدير الأخطاء والخطايا لبعضنا البعض , مذعنين للأنانية المدمرة .
وهناك من الشواهد والدلائل ما يمكن استحضارها من أكثر من مكان وفي أكثر من مجال, وتتجلى بكل وضوح في التخطيط العشوائي للمدن الرئيسية , والثانوية , وفي تدهور مصادر المياه والبيئة .
التخطيط والبناء العشوائي تلتقطه العيون بكل وضوح , وعجزت كل الدراسات والمقالات من أن تحد من انتشاره . أما مشاهد البيئة التي تزعج الأبصار وتكدر النفوس , فهي البارزة في الصورة الطبيعية, إذا أردتم أن تقتنعوا أكثر, يكفيكم زيارة باتجاه الشرق أو الغرب أو الشمال أو الجنوب, سترون انتشار القمامة والأكياس البلاستيكية الملونة التي تغطي الأرض الزراعية والمنتشرة على جوانب الطرقات مما يوحي انعدام خدمة النظافة في تلك التجمعات , ومصانع البلك والكسارات بالقرب من الأحياء السكنية, وهناك أكوام الكري والنيس ومخلفات الحفر وانتشار مئات المطبات والحفر التي تعيق حركة السير , وهناك مبان وأحياء في بعض المدن الثانوية تمر من فوقها أسلاك الضغط العالي بالطول والعرض, وأيضا محطات بترول ملاصقة لبعض المباني , ومحلات بيع الأسمدة والمواد الكيماوية الزراعية , لا ندري مدى الرقابة عليها .
هذه بعض المعالم العشوائية المضرة بالحالة الصحية النفسية للإنسان أفرزتها أنانية المواطن بالدرجة الأولى, وأيضا تجاهل الأساليب العلمية والحضرية للتخطيط, وعدم تفعيل القانون, وغياب الرقابة .
والجميع منخرطون في اللامبالاة, وكلما بحثنا عن حلول عدنا للمربع الأول , نستوضح الأسباب والمسببات , دون أن يحدث أي تغيير في الواقع .
والغريب في الأمر أن كبار المسؤولين والحزبين والمثقفين والعسكريين والأمنيين والقضاة ودعاة المدنية في منظمات المجتمع المدني يشاهدون كل هذه الفوضى, لكن لم نجد من يقوم بواجبه الأخلاقي والمهني والقانوني والتوعوي للحد من هذه الظواهر, وهكذا تصبح المشكلة متضخمة والحلول مستعصية , الشكوى مستمرة .