الطوارئ..البقية في حياتك..!!

عبدالله الصعفاني

مقالة


داهمني الحنين إلى بداياتي الصحفية حيث الحماس يتسيد المهنة والخوض في التفاصيل يتم من موقع الحدث..
توجهت إلى أحد أقسام الطوارئ في مستشفى حكومي وخرجت بانطباع من جزأين..
الأول شعور بالحسرة على مواطنين يصلون إلى هناك في حالة بائسة ليتبادلوا مع أهل الطوارئ لا تشكي ألمك حتى لا أبكي عجزي.. والثاني السؤال عن أوضاع وزارة مسؤولة عن صحة شعب يمني لكن الحكومة تتعامل معها بنظام ” ألقاه في اليم مكتوفا وقال له ..إياك إياك أن تبتل بالماء “.
في أحد أقسام الطوارئ شعرت بالإحباط الشديد من مواطنين يجري إسعافهم جراء حوادث في الغالب إثر مواجهات أو حوادث جنائية بعضها تنال من أعضاء في منتهى الحيوية كالقلب والكبد والكلى فيما يشكو قسم الطوارئ من حاجته لأساسيات كالشاش والخيط والرباط والمغذية وليس أمام غير القادرين سوى التسول أو النزيف حتى الموت.
لست في وارد الحديث عن تسمية المستشفى لأن حال المستشفيات الحكومية من بعضه.. ولأن المستهدف هو الفكرة الفاسدة والنظرة القاصرة العاجزة التي تتطلب من وزارة الصحة أن تراقب بعيون صقر ومخالب أسد وبذات الإرادة التي جعلت الوزير المثابر الدكتور أحمد العنسي يتبنى فكرة تفعيل الرقابة والإغلاق لمستشفيات وصيدليات بعضها لا يتمتع بالقدر الأدنى من الكفاءة والنزاهة اللائقة بمرافق مسؤولة عن حياة البشر.
مدفوعا بالصدمة مما رأيت وسمعت اقتربت من مسؤولين في وزارة الصحة فسردوا من الحكايات المتصلة بالنظرة القاصرة إلى قطاع الصحة ما يكفي لأن يشيب له رأس الغراب ..وتخيلوا ولكم الأجر بعضا من المشاهد التراجيدية في أقسام الطوارئ دون أن تنسوا الدعاء بأن يجبر الله الفقر بالعافية.
الشعب اليمني الذي ثار قبل أكثر من نصف قرن طلبا للانعتاق من المرض كأحد أضلاع مثلث الجهل والفقر والمرض كان يحصل من ميزانية الدولة على مانسبته 3.6%فقط – تأملوا النسبة -سرعان ما عملت الحكومة على تخفيضها إلى ما يزيد قليلا عن 2% لا غير.
في وزارة الصحة سألت أكثر من مسؤول ..ما هي الحكاية وكيف لأقسام الطوارئ أن تكون بهذا البؤس وفهمت أنهم غسلوا أيديهم بالماء والصابون من مسألة الحصول على نظرة أكثر إيجابية إلى صحة 25 مليون يمني لكن ذلك لم يمنع الوزير العنسي وزملاءه من طرق أبواب المؤسسات الإنسانية الخارجية..
وزارة الصحة لم تستسلم على ما يبدو رغم أن برنامج الطوارئ فيها بدون وقود لسيارات الطوارئ ورغم التدخل الجاهل من سلطات محلية تنزع إلى الهيمنة والتدخل خارج تخصصها وفهمها..
ولم تمنع هذه الأحوال من النحت غير المتكافئ في الصخر حيث فرضت أحداث دماج إنعاش غرفة عمليات الطوارئ المركزية بهدف توزيع المصابين استباقا ومنعا للارتباك في مواقف لا تحتمل التأخير مع تفعيل مراكز طوارئ في 17 محافظة تمتد من أبين إلى حجة وتوفير أسطول سيارات إسعاف مجهزة بالعناية المركزة وإقامة دبلوم طوارئ اشترك فيه ممثلون عن المحافظات حيث تم الاحتفال بأول دفعة تمريض طوارئ وعناية مركزة استغرق تأهيلها عاما من الدراسة التخصصية.
وتبقى ثالثة الأثافي المدهشة في أن مجلس الوزراء وإن رضي بتسول وزارة الصحة لكل شيء من منظمات خارجية إلا أنه رفض تقدم الوزارة بطلب إنشاء هيئة خاصة بخدمات الإسعاف والطوارئ رغم أننا في أوضاع هي الطوارئ شحما وعظما..
باختصار..الأوضاع الصحية في اليمن وأوضاع الطوارئ بالذات تقتضي استحضار وظيفة الدولة تجاه مواطنيها.
أما أنا فقد أسفر تواجدي في أحد أقسام الطوارئ عن صداع كسر رأسي وتنملت له أطرافي وجف بسببه حلقي ..والمشكلة أنه ليس في وارد تفكيري التوجه إلى الطوارئ حتى إشعار حكومي آخر ..واللهم لطفك وعافيتك.

قد يعجبك ايضا