لماذا نعتمد السياسات المؤدية إلى الفقر ¿!
أحمد سعيد شماخ

أحمد سعيد شماخ –
تعد اليمن ضمن افقر عشر دول على مستوى العالم فيما يتعلق بمستوى الدخل والذي يعبر عنه بنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الذي لايتجاوز720 دولارا أميركيا في السنة وتشمل هذه النسبة اكثر من 35% من سكان اليمن.
ويعزى أسباب هذا الفقر الى تواضع معدلات النمو الاقتصادي والى تدني مستوى البيئة القائمة غير الجاذبة للاستثمارات وعدم موائمة مخرجات التعليم الخاص والحكومي لمتطلبات سوق العمل فالراتب في نظر عامة الناس في اليمن لا يمكن الركون عليه سواء لهدف الزواج أو شراء منزل أو لشراء وسيلة مواصلات متواضعة فالراتب قد يبدأ من 1200 ريال وينتهي عند 40000 ألف ريال في المتوسط أي ما يعادل فقط نحو 200 دولار أميركي كراتب شهري فكثير من هؤلاء الموظفين والعمال يعملون بالمقولة الشهيرة انفق ما في الجيب يأتيك ما في الغيب ويضطر معظم هؤلاء الموظفين الى تعويض هذا الفارق باللجوء الى طرق ووسائل سليمة وغير سليمة في أحيان أخرى لتعويض هذا النقص وهذه الهوة إما عن طريق الاقتراض والعمل الإضافي في أي عمل آخر أو عن طريق اللجوء الى الرشوة والفساد والابتزاز في المؤسسات التي يعملون بها.
لقد اثبتت المرأة اليمنية هنا انها هي افضل من الرجل من حيث إدارة ميزانية الأسرة الذي يلجأ فيها الرجل في احيان كثيرة للانحياز الى صف شراء القات ومستلزماته وترك أسرته تعاني دون تغذية ورعاية صحية جيدة أو تعليم فالاقتصاد عموما يبدأ من الاقتصاد المنزلي فثقافة الادخار في اليمن تكاد تكون غائبة الى أن وصل الأمر أن أصبح الكثير يستدين لإشباع رغباته ولكن على حساب صحته وقوت أسرته سواء بشرائه لغصن القات أو لشراء بعض الكماليات التي ليس لها ما يبررها اليوم كما أن قضية الصحة والرعاية الصحية نسبة لعدد سكان اليمن البالغ عددهم نحو أكثر من 24مليون نسمة وفقا لتعداد العام 2004م لا تزال هي الأخرى إحدى القضايا الرئيسية المهمة التي لا تزال عند حدودها الدنيا ما يجعل هؤلاء المواطنين يحافظون على البقاء , وصحيح أن هناك تحسنا طفيفا في نسبة معدل وفيات الاطفال الرضع إلا أن هذه النسبة لا تزال عالية وتسير نحو الارتفاع غير أن هذه القضية قد أثارت اهتمام الرأي العام المحلي وكثير من المؤسسات والمنظمات الدولية والدوائر الإعلامية العالمية والتي تحث اليمن العمل عاجلا نحو الوصول الى الاهداف الصحية المنشودة دوليا بحلول العام 2015م.
وتشير الاحصاءات الى أن 27 وفاة لكل 1000 مولود حي و122 حالة في بداية التسعينيات الى نحو 74حالة وفاة كما ان معدل وفيات الأمهات بسبب الحمل والولادة استقر عند معدل 365 حالة وفاة لكل 1000 حالة ولادة منذ العام 2000-2009م وهذا المعدل يعتبر عاليا بكل المقاييس الدولية بسبب الزواج المبكر والولادة في المنازل وارتفاع معدل الخصوبة
فهذه الأرقام تقل عن معدل الانفاق عن معدل خط الفقر المتوقع الذي يساوي تكلفة الغذاء التي تعادل نحو 2200 سعره حرارية والتي تفي ببقاء الإنسان على قيد الحياة الذي حدده البنك الدولي وبمعدل دولارين أميركيين في اليوم.
فالصحة عامل رئيسي مهم في عملية النمو الاقتصادي لأن المعجزات الاقتصادية التي حدثت في الصين ودول شرق آسيا وأوروبا لم تقم إلا من خلال الرعاية والاهتمام بالإنسان فعندما يكون هناك تنسيق في السياسات الاقتصادية والاجتماعية بين الدولة والقطاع الخاص تتحقق هناك نتائج طيبة وخصوصا في مجال التعليم وسوق العمل وبين الصحة والتغذية والسكان , فمن أجل انقاذ حياة أرواح النساء والأطفال يجب تحسين نوعية الحالة الصحية للفقراء عن طريق ثلاثة محاور تتمثل في:
زيادة الرواتب والأجور والإعانات الاجتماعية .
تعزيز الشراكة بين القطاع العام والخاص .
توفير الرعاية الصحية الجيدة وتحسين الوسائل المؤدية الى العيش الكريم .
وحتى يكون المستقبل أكثر إشراقا وبهاء لليمنيين فانه من الضروري ان تقوم الدولة بعملية البحث والمناقشة التي تمكنها من مواجهة هذا التحدي بصورة حاسمة ففي اعتقادي أنه بغير العلم والإدارة الاقتصادية الجيدة لن نستطيع ان نسهم في بنا يمن جديد وإطعام الجوعى ومساعدة المحتاجين وشفاء المرضى أو في توفير الكرامة لليمنيين في العمل وفي إيجاد المكان الصحيح والمناسب الذي نستفيد منه بالتعبير عن ذواتنا كما أن فقدان اليمن لفرص التمكن من العلم والمعرفة وأساليب التقانات والتكنولوجيا الحديثة سوف يزيد من الحد الفاصل بين الأغنياء والفقراء ويدير الاغنياء ظهورهم للفقراء .. فلماذا نعتمد السياسات المؤدية الى الفقر¿.