عيد الوحدة واستحقاقات بناء يمن المستقبل
أحمد الزبيري
يوم الوحدة اليمنية مناسبة وطنية لليمنيين حتى أولئك الذين دفعتهم ظروف وأوضاع إلى اتخاذ مواقع واتجاهات معاكسة لهذا المعنى سيغيرون من مواقفهم متى ما انتهت الأسباب التي جعلتهم يحيدون عن وطنيتهم اليمنية التي كانوا عليها قبل وأثناء إعلان دولة الوحدة في 22 من مايو 1990م ويرتكسون ليعودوا إلى أكثر من نصف قرن مستحضرين هوية أرادها الاستعمار فرفضوها وأسقطوها لأنها تسلخهم عن كينونتهم التاريخية الحضارية الثقافية لتعطيهم اتجاها ليكون بديلا لهويتهم الحقيقية ومثل هذا الخيار- الذي جاء كرد فعل للحرب والظلم والضم والإلحاق والإقصاء والتهميش- الذي كان وبكل تأكيد الوحدة مسؤولة عنه ولا يجوز تعميم المسئولية عما حصل بمنطق جهوي فاليمنيون جميعا كانوا وما زالوا “في الهم شرق” فالقوى السياسية الموحدة لم تكن وحدوية بالصورة التي تتطابق مع ما كان مرسوما في عقل ووجدان الشعب وبالتالي لم تكن معبرة عن آماله وتطلعاته في بناء دولته المدنية الموحدة الحديثة المرتكزة على العدالة والمواطنة المتساوية.
ربع قرن ناقص عام على الوحدة الاندماجية التي اقر اليمنيون في مؤتمر الحوار الوطني انها فشلت في تجسيد الإرادة الوحدوية لشعبنا لكن هذا لا يعني التقليل من عظمة الانجاز الوحدوي العظيم وكان لابد من إيجاد الحل العادل للقضية الجنوبية التي اجمع المتحاورون أنها القضية المحورية لنجاح حوارهم الوطني في التجاوز باليمن كل مصاعبه ومعضلاته بكل تحدياتها ليخلصوا إلى صيغة جديدة منبثقة من روح التغيير الهادف الي إخراج الشعب كله من حالة الاحتقان والانسداد السياسي الذي وصل اليه اليمن في شماله وجنوبه وشرقه وغربه تجسدت هذه الصيغة في التوافق والاتفاق على الدولة الاتحادية المدنية الحديثة القائمة على الحكم الرشيد ووفقا لعقد اجتماعي جديد يمكن اليمن واليمنيون من تجاوز الماضي بكل تراكمات اخطائه وسلبياته الى مستقبل واعد بالامن والاستقرار والإخاء والمحبة والتقدم والازدهار.
24 عاما مرت وهي على قصرها بعمر الشعوب شهدت أحداثا ومتغيرات داخلية وخارجية عربية وإقليمية ودولية أثرت سلبا وإيجابا على مسارات اليمن ووحدته التي تزامن تحقيقها مع نهاية الحرب الباردة وما نتج عنها من تداعيات تجلت في حرب الخليج الأولى وبروز ظاهرة الإرهاب التي تخلقت في رحم الجهاد في أفغانستان لتكون هي الحامل للمبررات والذرائع لحروب الشرق الأوسط لاسيما بعد أحداث 11 سبتمبر الإرهابية التي تلاها شن حرب على افغانستان والعراق اراد من خلالها النظام العالمي القائم على نظام دولي احادي القطبية فرض هيمنته التي انعكست نتائجها على شعوب ودول المنطقة التي تحملت الجانب الاكبر من اوزارها واليمن في المقدمة ..هنا لا يمكن فصل ما مر بنا عن المجرى العام لتلك الأحداث لكن هذا لا ينفي المسؤولية عن القوى السياسية المتصدرة للمشهد اليمني طوال هذه الفترة الزمنية لتصل باليمن إلى حافة كارثة الصراعات والحرب الأهلية والتي كانت بدون شك وفقا لمعطيات الواقع ستؤدي ليس فقط إلى التشطير بل إلى التمزق والتشظي وهنا يبرز تساؤل: إذا لم تتحقق وحدة 22 مايو هل سيكون وضع اليمن أفضل¿ ..لا فكل الشواهد تؤكد عكس ذلك فاليمن كان سيتجه نحو خيارات مأساوية إذا لم تلتأم لحمته في هذا اليوم الأغر من عام 90م.
وعلينا ان نعود إلي الأحداث التي مرت بها يوغسلافيا ودول افريقية في عقد التسعينيات لندرك ونعي أهمية الوحدة اليمنية في تجنيبنا تلك الأخطار الفضيعة والمريعة التي مرت بها تلك البلدان والشعوب والتي لا زالت الى الان لم تخرج من اهوال ما تعرضت له.. هذه حقيقة من لم يستوعبها الآن ستتضح له بصورة اكثر جلاء في المستقبل والمهمة الملحة الآن هي تنفيذ وثيقة الحوار الوطني والانتصار في الحرب على الإرهاب ومكافحة البطالة والفقر حتى نستطيع بناء اليمن الموحد الذي تطلع اليه أبناؤه طوال تاريخ مسيرة نضالهم المعاصر..بذلك يعد 22مايو المحطة الوحدوية الاساس والاهم التي سيبنى عليها يمننا الاتحادي الجديد..لهذا لا يمكن فصل 22مايو عن ثورة التغيير 2011م والتسوية السياسية والحوار الوطني الشامل ونجاحنا في عملية الانتقال إلى مرحلة جديدة هو نتاج تراكمي فالاحداث محصلة جهود اجيال سابقة..ومن هنا فإن هذا اليوم سيكون يوما خالدا ومناسبة وطنية مباركة تحتفي وتبتهج به أجيال الغد.