عمال اليمن

د/عبد الله الفضلي


احتفل العالم كله في الأول من مايو (أيار) باليوم العالمي للعمال إحياء لذكرى انتفاضة العمال على حقوقهم في مدينة شيكاغو الصناعية الأمريكية , وعلى الرغم من حصول العمال على حقوقهم المادية والمعنوية والتأمينية والصحية والسكنية والتعليمية في معظم دول العالم المتقدم كما استطاع العمال أن ينهضوا ببلدانهم صناعيا واقتصاديا واجتماعيا وحققوا لشعوبهم الكثير من الإنجازات والمشاريع التنموية وحصلت بلدانهم على أعلى نسبة نمو اقتصادي عال وذلك نتيجة لإعطاء العمال حقوقهم ورفع مستوى معيشتهم فضلا عن رفع مستوى تأهليهم وتدريبهم وبصفة خاصة تدريبهم على الآلات والمعدات والتقنيات الحديثة التي بدورها انعكست على رفع مستوى أدائهم لأعمالهم وبالتالي انعكست على أحوالهم المعيشية والاجتماعية من خلال الإدارة بالأهداف خاصة في الشركات الصناعية الكبرى كما حققوا لبلدانهم أرباحا ومدخرات مالية رفيعة وضخمة , إلا أن عمال اليمن يأتون في أسفل القائمة العالمية لترتيب العمال من حيث تدني التدريب والتأهيل وحصولهم على الحقوق المتعارف عليها عالميا . وعلى سبيل المثال فإن دولة الفلبين وهي إحدى الدول الآسيوية النامية تقوم كل عام بتجهيز وإرسال عشرات الآلاف من العمال الماهرين في شتى الأعمال والمهن المطلوبة في دول مجلس التعاون الخليجي بعد أن تقوم بتكثيف تدريباتهم وتأهيلهم التأهيل المهني العالي بحيث لا يسمح بسفر أو خروج أي مواطن فلبيني إلى دول الخليج العربي ما لم يكن مؤهلا مهنيا وتعطي كل دفعة من هؤلاء العمال فرصة عمل لمدة عامين ثم تنتهي مهمتهم فيعودون إلى وطنهم ليحل محلهم دفعات جديدة وعمال جدد آخرون قد تم تأهيلهم وتدريبهم على أعلى مستوى من التدريب والتأهيل وبما يتناسب مع سوق العمل حتى تعطى الفرص لجميع العمال الفلبينيين والاستفادة من الهجرة لتحسين مستوياتهم المعيشية .
أما عمال اليمن ومع الأسف الشديد فإنه على الرغم من كثرتهم واتساع نطاق البلدان التي يهاجرون إليها إلا أنهم تعساء وأتعسوا معهم بلدهم اليمن وذلك بسبب هجراتهم العشوائية غير المنظمة وغير المنسقة وعدم مساهمة الدولة في تنظيم هجرة العمالة اليمنية وعدم الإشراف على دخولهم أو خروجهم وبالتالي وهو الأهم عدم جدية الحكومة في تأهيل وتدريب العمالة اليمنية في المعاهد الفنية والورش وبما يتناسب مع متطلبات سوق العمل في دول الخليج العربي التي استغنت إلى حد كبير عن العمالة اليدوية التقليدية التي كانت سائدة في الثمانينيات ومع الأسف فإن العامل اليمني يهاجر وهو عامل عادي (شاقي) ويعود إلى اليمن شاقي أو شيال وليس عنده أية مهارة أو خبرة أو مهنة معينة ولا يحاول أن يطور من نفسه أو مهنته فيظل عالة على نفسه وعلى أسرته ومجتمعه .
ولذلك فإن العامل اليمني غير مستقر في عمل معين أو مهنة معينة بل يظل ينتقل من عمل إلى آخر ومن مهنة إلى أخرى ومن دولة إلى دولة أخرى وحينما يتم إنجاز العمل في أي مشروع أو منشأة معينة يتم تسريح العامل اليمني وليس له من حقوق إلا أجره اليومي ولذلك فإن معظم عمال اليمن وبنسبة عالية جدا يشتغلون بالأجر اليومي ولكم أن تشاهدوا التجمعات العمالية اليومية في بعض الأماكن بالعاصمة صنعاء بالآلاف وهم يبحثون عن فرصة عمل وغالبا ما يعمل يومين أو ثلاثة أيام في الأسبوع وبقية الأيام عاطل عن العمل فيصرف ما أدخره في الأيام الثلاثة الأولى .
فإذا ما تعرض العامل اليمني الذي يعمل بالأجر اليومي لمرض معين أو إصابة في العمل أو حادث معين وأقعده عن العمل فإنه ليس له أي تأمين أو دعم من أية جهة خاصة إذا كان هو العائل الوحيد لأسرته وهناك الكثير من هذه الحالات التي انتشرت في كل أنحاء اليمن مما يضطر أفراد أسرته إلى الخروج إلى الشوارع والمتاجر وأبواب المساجد والأماكن العامة للتسول والشحت لأن عائلهم الوحيد في حالة مرضية سيئة أو أنه قد أصبح كبيرا في السن أو عاجزا عن العمل وليس لديه مصدر آخر يقوم من خلاله بالإنفاق على أسرته .

قد يعجبك ايضا