الـ “أنا ” العالية في أبهى تجلياتöها.. 2-2
فايز محيي الدين البخاري
فايز محيي الدين البخاري –
مهيمنة النص
* “الأناء العالية” في أبهى صورة: هذه كما أسلفنا هي مهيمنة النص لدى الشاعر جميل عزالدين حتى وهو يعترف لمحبوبته أن رياح هجرانها (البين) قد عصفتú به ولكن أناه العالية لا تدعه يقول أن ذلك العصف قد أودى به في قعر سحيق أو مستوى دون وإنما أودى به إلى(سماواتö جرحي واهياراتي).. يا الله ما أبهاها صورة وما أندرها!! فرياحها تعصف به إلى سماوت الجرح والانهيار وليس لقاعها. إنه الفخر والاعتداد بالنفس الذي لا يدع حتى لتباريح الحب بإذلال صاحبه.
وما تركتö رياح البينö تعصف بي ** إلى سماوات جرحي وانهياراتي (ص69) *
وعلى هذا يمكننا القول إجمالا أن الشاعر متأثر بنزار قباني ويتكئ على المتنبي وينهج نهج عمر بن أبي ربيعة. بل أورد ذكر نزار وعمر في آخر بيتين من المقطوعة بعد التالية. فمöن (نزارياتöهö) قوله:
أنا من بنى للغانياتö ممالöكا ** ونزعت عنها قسوة الأصفادö وأنا الذي شöدت الهوى بروائعي **وأخذت مöن دنيا الغرامö مرادي * ومöن (متنبياتöهö) قوله معاتöبا أحد مسئوليه ص86-87:
ما كنت أحسب أنني في عهدöكم ** يوما سأظلم أو أذل وأقهر.
منú ينكöر الحق الذي أنا أهله¿! ** كلا فنجمي ساطöع لا ينكر
الله يعلم والجميع بأنني ** مثل الرفاقö كفاءة بلú أجدر
ماذا جنيت لكي أضام ورفقتي**باتوا نجوما في الدياجي تظهر
وقوله ص94:
لي في الحروفö متارس وحصون ** ولدي في فنö الكلامö فنون
ومعي يراع إنú يقلú للبحرö كنú ** أنت المöداد لسيدي سيكون
أو قال لöيني للجبالö فإنها ** حتما لسحرö حروفöهö ستلين
وبهö كتبت عن العيونö روائعا ** ما قالها (عمر) ولا (المجنون)
حتى (نزار) لو أتته روائعي ** عادتú إليهö الروح وهو دفين *
ومöن (عمرياتöهö) قوله ص74:
ومعجبة يطيب لها غرامي ** تهاتفني فيطربها كلامي
تحدثني عن الأشواقö عنها ** وعن قلب تعذب في غرامي
وعن حب تملكها شهورا ** وعن زهد توشح بالسقامö
تصارحني وتشرح لي هواها ** تعاتبني وتمعöن في اتهامي
على هذا استمرتú لست أدري ** أعاما ربما أو نصف عامö
وما انفكتú تهاتفني وأبدي ** على مضض لها جل اهتمامي
دلالة العنوان *
وعلى كل يمكن الخلوص من خلال مهيمنةö النصö وعنوان المجموعة إلى ما يلي: تكون العنوان مöن ثلاث كلمات هي(الأصابع- تلامس- الشفق) ويمكن استخراج مدلولاتها كما في الشكل:
الأصابع اسم ثابت موجود تلامس فعل متحرك مقدور عليه الشفق اسم ثابت مستحيل ومن خلالها نعرف أن التحرك بين ثابتينö صعب ومحدود والمتحرöك هو طموح الشاعر والثابتانö عقبات وصعاب وتحديات يفرضها الواقع. الشفق بعيد المنال وهذا تجسيد لما يعتمöل داخل ذاتö الشاعر التي تود الوصول لشيء لا يزال بعيد المنال لكنú عندها القدرة على خوضö غöمار المنافسة للوصول إليه.. وقد أحسن الشاعر باستخدام الفعل “تلامس” بدلا من “تقبض” لأن الأول دليل عدم التملك والحيازة والاقتراب الشديد فيما الثاني يدل على العكس وهو ما تدور حوله مهيمنة نصوصö المجموعة التي تؤكöد طموح الشاعرö وعدم وصولöهö إلى مبتغاه الأكبرö وإنú كان قد حقق بعض ذاتöهö وطموحöهö الأول إلا أنه لا يزال يرى أنه اقترب مöن الشفقö فقط ولم يصبحú متربöعا عليه.