أقسام الشرطة..أوضاع متردية ..تحديات جسيمة .. وإصلاحات عاجلة!

د. أحمد العباسي


د. أحمد العباسي –
لابد من التأكيد في البداية على الدور الوطني الذي تضطلع به المؤسسات الأمنية في بلادنا بشكل عام وهو أمر يوجب علينا تقديم خالص التقدير والاحترام لكل رجال الأمن المخلصين الذين يسهرون ويضحون من أجل أن ينعم الوطن والمواطن بالأمن والسكينة.

وقد بدأ الأمل في تحسن الأوضاع الأمنية يزداد منذ تعيين اللواء الترب وزيرا للداخلية مؤخرا والرجل بدأ عمله بروح وطنية عالية تجعلنا جميعا ملزمين بتقديم العون له والعمل سويا – كل من موقعه- للنهوض بواقع المؤسسات الأمنية باعتبارها أساس التنمية والاستقرار.

ويهدف هذا المقال إلى التركيز على جوانب الاختلال والفوضى التي تشوب عمل إحدى المؤسسات الأمنية المهمة وأخص هنا “أقسام الشرطة” وما تعيشه من أوضاع متردية وبائسة تجعلها عاجزة عن القيام بمهامها الوطنية بكفاءة ونزاهة بل إن هذه الأوضاع قد تسببت في كثير من الإحباطات والتي أدت بدورها إلى انعدام ثقة المواطن في هذه المؤسسة المهمة والتي تمثل هيبة الدولة وسياج القانون ويعول عليها في حماية أعراض الناس ودمائهم وأموالهم باعتبارها ذات علاقة مباشرة مع المواطنين في الأحياء والمدن والتجمعات السكانية.

ولعل ما دفعني لكتابة هذا المقال هو أنني قمت بزيارة بعض أقسام الشرطة في العاصمة وتذكرت في نفس الوقت وضع أقسام الشرطة في بعض البلدان التي زرتها ومنها “ماليزيا” حيث شاءت الأقدار أن أذهب – ذات يوم – إلى أحد أقسام الشرطة لتقديم شكوى ضد صاحب البيت الذي طلب مني إخلاء الشقة لخلاف بيننا….. وأصدقكم القول أنني نسيت القضية الرئيسة حينها أثناء وجودي في قسم الشرطة الماليزي وشرعت أقارن بينه وبين أقسام الشرطة في اليمن …وبعد التأمل والتفكير شعرت بألم وإحباط لا مثيل له … فأقسام الشرطة في بلادنا لا ترتقي إلى مدلول هذا المسمى (شكلا ومضمونا) فلا مبنى مشرف ولا إمكانات ولا خدمات ولا… ولا…….

عندما تدخل قسم الشرطة في كثير من البلدان تشعر وكأنك تدخل بنك أو مؤسسة … ففيه كل وسائل احترام الإنسان (المواطن والموظف الذكر والأنثى – والحدث) وأما أقسام الشرطة في بلادنا فأترك الحديث لكم — قراءنا الكرام – فأوضاعها لا تخفى عليكم.

ولعلنا ندرك جميعا أهمية استتباب الأمن والسكينة في هذه المرحلة العصيبة التي تمر بها البلاد وخصوصا بعد الانتهاء من أعمال مؤتمر الحوار الوطني الشامل بمخرجاته التي لا يمكن أن تطبق في الواقع إلا إذا قامت المؤسسات الأمنية – ومنها أقسام الشرطة – بدورها بكفاءة ووطنية وإخلاص. ومن الملاحظ أن اهتمام الحكومة ووزارة الداخلية بأقسام الشرطة لا يرتقي إلى المستوى المطلوب وسنذكر هنا بعض جوانب القصور والإختلالات التي تشهدها أقسام الشرطة في بلادنا والتي تتطلب معالجات سريعة وإصلاحات واسعة للنهوض بهذه المؤسسة التي أصبحت عبئا على المواطن ومصدرا للإحباط والشعور بعدم هيبة الدولة والقانون لما يلمسه المواطن من تعامل غير مسؤول من قبل الكثير من أفراد أقسام الشرطة في ربوع وطننا الحبيب الذي يحلم بالأمن والاستقرار ومن هذه الإختلالات وجوانب الفوضى ما يلي:

يشعر المواطن منذ الوهلة الأولى عند دخوله قسم الشرطة بأنه في مكان لا يتوفر فيه الأمن والسكينة نظرا للمضايقات والابتزاز والتعامل غير المهذب الذي يلقاه من بعض المحسوبين على هذه المؤسسة وهم غير أهل للعمل فيها.
مباني أقسام الشرطة في البلاد لا تشعرك بهيبة المؤسسة الأمنية فقلما تجد قسما نموذجيا في مبناه وبنيته التحتية فمعظم أقسام الشرطة مستأجرة (شقق أو دكاكين ) ولا تتوفر فيها وسائل وإمكانات الحصول على الخدمة الأمنية بل إن كثيرا من هذه الأقسام تنتهك فيها أبسط حقوق الإنسان فيما يخص سجون الأقسام والخدمات الأساسية من كهرباء وماء وغيرها.
من النادر أن تجد في اليمن قسم شرطة يقدم لك خدمة أمنية مجانية وخاصة إذا ما استدعت الحالة خروج طقم عسكري أو ضباط للتحقيق في حادثة سرقة أو عراك أو ما شابههما … فلا بد من شراء الخدمة الأمنية للحصول عليها … وهنا نستطيع القول بأن من يدفع أكثر قد يحصل على استجابة وخدمة أمنية أفضل من غيره..
تجهيزات أقسام الشرطة وأثاثها ومعداتها تكاد تكون منعدمة فقلما تجد قسم شرطة تتوافر فيه النظافة والنظام والمكاتب اللائقة ووسائل العصر الضرورية من أجهزة كمبيوتر وغيرها والتي تساعد على تقديم خدمة أفضل ..فلا زالت الوسائل التقليدية هي السائدة في الكثير من أقسام الشرطة.
افتقار أقسام الشرطة إلى الموارد المالية المناسبة والكافية والتي تمكنها من تقديم خدمة أفضل للمواطن دونما ابتزاز ومضايقة له.
يشكو الكثير من مسؤولي أقسام الشرطة من ضآلة الرواتب والمكافآت التحفيزية والتي تؤدي بالتالي إلى شعورهم بعدم الرضا وقد يلج

قد يعجبك ايضا