القنوات الفضائية اليمنية في رأي مشاهد
علي أحمد بارجاء
الفضاء المفتوح لوسائل الاتصال ونشر وتبادل المعلومات سواء عن طريق القنوات الفضائية أو شبكة الانترنت أتاح الحصول على الثقافة والوصول إلى المعلومات والتعرف على الثقافات المختلفة بيسر وسهولة, وبشكل يتجاوز حدود الأوطان وهذا ما جعل كل بلد يحاول إظهار ثقافته وتراثه وأخباره, ويسوöقها بطرائق وأساليب أكثر تشويقا وإغراء للمشاهد في العالم, في منافسة لتقديم الأفضل والأجود في كل المجالات. وأصبح المشاهد في كل بلد عربي يطلع على قنوات كثيرة متجاوزا حدود بلده, فيقبل على القنوات الفضائية الأخرى, فهل تحول اليمنيون إلى مشاهدة القنوات العربية, وأحجموا عن مشاهدة قنوات بلادهم الرسمية وغير الرسمية¿ الإجابة على هذا السؤال مرهونة بنوع البرامج اليمنية وقدرتها على المنافسة, لكن يبدو أن نسبة مشاهدة اليمنيين لقنوات بلادهم ضعيفة, وإذا لم يكن يوجد ثمة إحصاء مستفاد من استبيان دقيق, إلا أن من المقطوع به أن أغلب أطفال اليمن لا يشاهدون البرامج الخاصة بهم من قنوات اليمن, بل انصرفوا عنها إلى مشاهدة قنوات الأطفال مثل: (اسبيستون) و(طيور الجنة) و(إم بي ثري) وغيرها, وهو أمر يؤثر على ثقافة أطفالنا, ويؤدي إلى تغيير لهجتهم, وبخاصة حين تنطق بعض البرامج بلهجات بلدانها, وهذا يحدöث لديهم انفصالا عن واقعهم ويضعف من انتمائهم لثقافة وطنهم.
لقد صار من الضروري أن تواكب قنواتنا الفضائية المتغيرات العالمية التي يشهدها الإعلام المرئي, وأن يطوöر من أدائه, وأن يستخدم أحدث التقنيات التي يستخدمها الإعلام الجديد, ليستطيع المنافسة, وكسب المشاهد المحلي قبل المشاهد العربي.
قنواتنا الفضائية اليمنية لا تزال تقليدية في برامجها, وفي خطابها, ولغتها, بل لا تزال تعتمد على نقل الأخبار بطريقة تقليدية, حيث يكتبها المحرر, وينقلها المذيع بصوته, فلا نجد لها مراسلين في المحافظات, أو الأقاليم مستقبلا, وبخاصة عند نقل أخبار الأحداث, فالخبر المنقول للمشاهد بصوت وكاميرا المراسل من موقع الحدث يكون أكثر مصداقية, وسيكون بالضرورة أكثر صحة في نطق أسماء الأشخاص والأمكنة التي نلاحظ كثرة أخطاء المذيعين في نطقها.
وسيحرص المراسل على متابعة مختلف الفعاليات الرسمية والشعبية في كل المجالات, وستجد مجالها في برامج مختلفة, وليس في نشرات الأخبار فقط, إذ لا نجد أخبار المجتمع والثقافة في المحافظات في البرامج الأخرى, وكأنها شأن لا يهم المشاهد العربي, بله المشاهد اليمني فأخبار جوانب الحياة الأخرى غير السياسية والحكومية في المحافظات سيكون لها أثر طيöب وحسن على المشاهد خارج اليمن لأنها ستكون دليلا على أن الحياة فيها تسير سيرا طبيعيا, في ظل ما تشهده البلاد من أحداث وقلاقل يهوöل من أمرها الإعلام العربي والدولي, ويعكس صورة سيئة عما يجري فيها.
إن اهتمام القنوات الفضائية بعرض كل ما يعتمل في المحافظات من أنشطة وفعاليات سيعكس صورة إيجابية عنها, وسيرد على من يحاول أن يصور أنها تعيش في حالة سيئة, يقلق لها المغتربون اليمنيون الذين لا يجدون في القنوات اليمنية ما يبدد شكوكهم حول أوضاع مناطقهم, في الوقت الذي لا توجد في كل محافظة قناة فضائية تعبر عما يعتمل فيها من خير وشر.
إن وجود مراسلين فاعلين للقنوات اليمنية في المحافظات, وبخاصة الرسمية منها, ينشطون في تغطية الأحداث سيجعل المواطن في كل البلاد يحرص على متابعتها لأنه سيجد فيها ما يعكس حياته وأنشطته, وكل ما يستجد في واقعه, كما هو الحال في القنوات العربية التي لم تنجح في الوصول إلى المشاهد العربي إلا ببث كل ما يهمه من بلدان ومدن وقرى عربية مختلفة.
فحين نجح بعض الشباب المبدعين من مدينة تريم مثلا في إنتاج أكثر من ريبورتاج عن مظاهر الحياة وتقاليدها في بعض مدن حضرموت, فقد تعاقدوا لبثها مع قنوات عربية مثل: (إم بي سي), أو (العربية), أو (الجزيرة), ولذا وجدت تلك القنوات إقبالا كبيرا على مشاهدتها, ليس في حضرموت فقط, بل على مستوى اليمن والمهاجر اليمنية, وبرنامج مثل (الحضارم) الذي بثته قناة (العربية), وأعادت بثöه أكثر من مرة, كان من البرامج الناجحة التي حظيت بمشاهدة واسعة.
فلماذا اتجه أولئك الشباب إلى التعاقد مع قنوات عربية لبث أعمالهم, ولم يتجهوا إلى القنوات الفضائية اليمنية¿ إنه سؤال ينبغي البحث عن إجابة له من المختصين في القنوات, ولعل هؤلاء الشباب يعلمون أن أعمالهم تلك لن تجد قبولا, ليس لأنها أسوأ مما يقدم فيها, بل لعل مستواها الفني أعلى مما تقدمه تلك القنوات نفسها, ولا يريد القائمون عليها أن ي