جرائم التهرب الضريبي (2-3)

جمال عبدالحميد عبدالمغني

 -  حتى الدول الفقيرة صغيرتها وكبيرتها في أدغال أفريقا تشكل الضرائب رقما مهما في موازنة البلد أو نسبة معقولة من موازنة الدولة بعضها يتجاوز 70% من موازنات تلك البلدان والفضل يعود في ذلك للقوانين الضريبية التي تحتوي على مواد عقابية راد
حتى الدول الفقيرة صغيرتها وكبيرتها في أدغال أفريقا تشكل الضرائب رقما مهما في موازنة البلد أو نسبة معقولة من موازنة الدولة بعضها يتجاوز 70% من موازنات تلك البلدان والفضل يعود في ذلك للقوانين الضريبية التي تحتوي على مواد عقابية رادعة للمتهربين بالإضافة إلى أن تنفيذ تلك العقوبات تطبق على الصغار والكبار بنفس الصرامة والمعايير والمتهرب الكبير عندهم يعتبرونه لصا كبيرا والمتهرب الصغير هو لص صغير والفارق بينهما هو في حجم السرقة فقط لكن كلاهما سارق ينهب أموال الشعب ومن هذه الدول جيبوتي واريتيريا وأثيوبيا هذه الدول تشكل الضرائب فيها ركيزة أساسية للموازنة العامة وليس كحال بلادنا التي لا تزيد نسبة الضرائب فيها عن 15% من الموازنة معظمها أو ما يزيد عن 85% من هذه الضرائب يتم تحصيلها من الموظفين كضريبة مرتبات وأجور ومن المواطنين كضريبة مبيعات ولا يدفع كبار التجار اليمنيين إلا ما نسبته أقل من 1% من الموازنة العامة كضريبة على أرباحهم.. عجبي!!.
في أثيوبيا قبل ثلاث سنوات تقريبا تم طرد مواطن يمني يملك مطعما بعد أن قضى فترة السجن القانونية ودفع غرامات باهظة وضريبية مجحفة جدا نتيجة لأن فاحصا ضريبيا فتش حساباته ووجد فاتورتين أو ثلاث لم تدرج مبالغها ضمن إقراره المقدم للضرائب فكان ذلك سببا لرجوع الضرائب إلى حساباته منذ أن فتح المطعم حتى تلك السنة وتم القضاء على مستقبلة الاقتصادي البسيط ودفع كل ما يملك وسجن ورحل من البلد نتيجة لهذه الجريمة الضريبية الصغرى.. فكم تاجر كبير جدا في بلدنا يتصرف بنفس الطريقة بل وأكثر منها وأوضح على مدار الساعة¿¿ وكم يتكبد الاقتصاد الوطني نتيجة لذلك¿¿ دون أن يعاقب أحد منهم.
وأنا أستمع لهذه الحكاية عن صاحب المطعم اليمني المتهرب في أثيوبيا تذكرت حكاية مؤلمة جدا في بداية الألفية الثالثة حدثت في يمن الإيمان والحكمة والحكاية باختصار أن أحد الذين يتعاملون مع شركة يمنية مصنعة لديها فروع في المحافظات جاء إلى المصلحة ليقدم بلاغا عن الشركة وأحضر كل فواتير مشترياته منها لعامين والمفاجأة أن إجمالي مشترياته فقط من الشركة إياها تزيد ثلاث مرات تقريبا عن إقرار فرع الشركة موضوع التهرب لمبيعاتها الإجمالية كل عام على حدة مع العلم أن هذا العميل التجاري هو واحد من أكثر من 50 عميلا آخر يتعاملون مع فرع الشركة بالآجل بالإضافة إلى آلاف المشتريين نقدا كحالات فردية يومية طبعا هذا الشخص كان دافعه للبلاغ هو الحصول على المكافأة القانونية 10% من مبلغ التهرب لكن الشركة حرصت أولا على معرفة اسم المبلغ وحصلوا عليه فألغوا التعامل معه ودبروا له حكاية أدخلوه بموجبها السجن ولم يحصل مسكين على المكافأة.
في التناولة القادمة نماذج من تعامل الدول المتقدمة مع جرائم التهرب.. إلى اللقاء.

قد يعجبك ايضا