ضحكة زمان

محمد المساح


 - اسمع.. سكن العين وهو يضحك تلك الضحكة الهادئة.. التي ترتسم على الوجه ولا تسمع.. وأنت تحدق إلى ذلك الوجه السمح المتغضن قناعة طبيعية ومرح الطفل ابن العام ولا يقتدم.. ولا في سبيلك إلى الاقتناع أن هذا الوجه الذي أمامك جاوز الثمان
اسمع.. سكن العين وهو يضحك تلك الضحكة الهادئة.. التي ترتسم على الوجه ولا تسمع.. وأنت تحدق إلى ذلك الوجه السمح المتغضن قناعة طبيعية ومرح الطفل ابن العام ولا يقتدم.. ولا في سبيلك إلى الاقتناع أن هذا الوجه الذي أمامك جاوز الثمانين من العمر بثلاث أو أربع سنوات وما زال يهز الأرض بأقدامه وعينيه في “حيدهما” تبرقان عنفوانا لحياة مضت.. وما زالت تحمل طزاجة الحياة وعشقها اسمع كررها ثانية بخفوت هذه المرة.. وأضاف: لنجلس جلسنا معا.. أصلح المشدة البيضاء على رأسه.. قال لي: سألخص لك هذا الزمن الذي نعيشه ببساطة وبتعبيرنا القروي.. صمت قليلا: كان زمان سحككة.. أما الآن كلعاد هذه الأيام لما يسلم عليك واحد.. لا تدري من يعد أصابعه أنت أو هو.. ستسألني: عن أسواق زمان ياه رعى الله زمان.. انقرضت كل الأسواق التي كنا نرتادها.. تغيرت الدنيا وتغير الناس والأسواق تأتي إليك هذه الأيام لكنها بلا طعم لم نعد كما كنا زمان لا يأتي بياض.. إلا وقد أحسكت الحمار وركبت عليه الوطاف وشدينا فجر بعد الصلاة.. وللحياة رنة وبهجة حاولت أن أؤكد على كلامه رفع يده فسكت.. واصل كلامه الجميل: ماذا أخبرك.. الأولاد كبروا واعولوا.. وزوجوا البنات وزوجوا الجهال.. إنما أيش.. ما زالوا جهال.. قليلين “ملح” ولما يحنبوا يأتوا إلينا.. ونقوم بالواجب ماذا نعمل حتى بيعهم وشراءهم مش مثل زمان أويلاد.. كان.. زمان كلمة الرجل مع صاحبه وعد بالقضاء الكلمة وفاء.. والرجال عند كلمتهم أما الآن.. خليها على الله.
كما عهدته يتحسس عصاه وهو ينفض التراب العالق على أطراف المعوز ونظرته المتألقة والوجه الذي يبث في داخلك طمأنينة وثقة نحو الحياة والكون تحس بجانبه.. أن الحياة مهما صعبت.. والرجل أمامك إن الحياة تستحق أن تعاش ما دامت ضحكته تحوج الدنيا وكلمته وفاء ووعد.

قد يعجبك ايضا