من وحي كلمة الرئيس في الكويت

يحيى الدبا

 - 
أن تعقد قمة عربية في إحدى دول الخليج العربي فهذا يضيف إلى القمة بعدا جديدا ويزيدها عمقا في نظر اليمن واليمنيين تبعا لما يربط بين اليمن ودول الخليج من علاقات وروابط

أن تعقد قمة عربية في إحدى دول الخليج العربي فهذا يضيف إلى القمة بعدا جديدا ويزيدها عمقا في نظر اليمن واليمنيين تبعا لما يربط بين اليمن ودول الخليج من علاقات وروابط اقتصادية واجتماعية وأمنية وسياسية وإلى آخر هذه المجالات فضلا عن خصوصية الروابط الأخوية.
وإن تكن جميع هذه الروابط على ذات المستوى من الأهمية وعلى ذات القدر من الحاجة إلى التعزيز والتمتين فإن للجانب الاقتصادي أولوية وأهمية تحتل مرتبة الصدارة في هذه المرحلة وفي هذه الظروف التي يعيش فيها اليمن مرحلة انتقالية انعكست فيها تداعيات نقل السلطة المتقرر بناء على المبادرة الخليجية وهي التداعيات التي زادت الوضع المعيشي للمواطن اليمني سوءا وارتفعت فيها نسبة الفقر المرتفعة أصلا.
وكل ذلك يحملنا على القول: إن زيارة رئيس الجمهورية الأخ المشير عبدربه منصور هادي التي قام بها قبل أيام إلى دولة الكويت الشقيقة ومشاركته في القمة العربية التي انعقدت هناك الأسبوع الماضي لم تكن زيارة اعتيادية أو روتينية بناء على الموعد الدوري المحدد للقمة بل هي –بالنسبة لليمن والمواطن اليمني- زيارة استثنائية بما تحمله الكلمة من معنى وبما يتوقع لها من نتائج سواء على المدى البعيد والاستراتيجي أو على المدى القريب وبالشكل المباشر خاصة في اتجاه وفاء الدول المانحة وأصدقاء اليمن بالتزاماتها تجاه هذا البلد الذي يعاني أكثر من نصف شعبه من الفقر وصور الحرمان وأشكال العناء والمعاناة.
لقد اعتاد الكثيرون على قراءة أرقام معدلات الفقر في اليمن وما يتفرع عنه من سوء التغذية والحرمان من التعليم والحرمان من الخدمات الصحية والماء النظيف وغيرها من المجالات حتى أصبحت هذه الأرقام عند البعض مألوفة لا تثير شيئا من القلق أو لا يرونها سوى أرقام على صفحات التقارير والصحف فيما تقول الحقيقة المطموسة خلف ركام الألفة إن كل رقم من هذه الأرقام هو إنسان يعاني ليل نهار ويقاسي أشد المقاساة من الفقر الذي تتفرع عنه معظم أشكال العناء والمقاساة.
إننا بحاجة إلى إعادة النظر في هذه الأرقام المألوفة لنتمعن فيها كما لو أنها المرة الأولى التي نقرؤها فنتأمل في ذلك حتى نرى قسوة تعاريج البؤس على وجوه أطفال بعمر الزهور وأخاديد أحالت الأمل في حدقات عيونهم ألما وبدلت أمنهم خوفا.
وهذا واحد من الأرقام التي يمكن الإشارة إليها ويمكن الاقتصار عليها دون غيرها من أرقام في مجالات كثيرة ومتعددة نظرا لكونه رقما قادرا على اختزال المأساة والمعاناة التي يعيشها المجتمع اليمني وذلك هو الرقم المتمثل في أن أكثر من (35) ألف يتيم تكفلهم جمعية الإصلاح الاجتماعي الخيرية في الوقت الحاضر من خلال من مكاتبها وفروعها المنتشرة على امتداد خارطة الوطن اليمني فضلا عن الآلاف الذين تكفلهم وترعاهم مؤسسات أخرى مماثلة وهناك الآلاف ينتظرون وصول مشروعات الكفالة إليهم.
وإن تكن هذه الأرقام من أعداد الأيتام المكفولين تمثل شهادة نجاح لهذه المؤسسات التي تبذل كل جهدها بالتنسيق والتعاون مع مؤسسات الدولة في المستويات المختلفة وفي أولها مؤسسة الرئاسة ورئاسة الوزراء فإنها تشير في نفس الوقت ومن زاوية أخرى إلى عمق غائر من مشكلة الفقر لا ينتهي ألمه عند الإحساس اللحظي والآني بالجوع والمرض والحرمان وصور العناء النفسي والحسي بل يمتد إلى مستقبل مديد هو عمر هؤلاء الأطفال ومستقبلهم الذي هو مستقبل اليمن.
لقد غلب طابع الخطاب السياسي على المرحلة التي تعيشها البلاد ولا يزال هذا الأمر مستمرا كنتيجة طبيعية لعملية انتقال السلطة وطغى –لذات السبب- الخطاب السياسي على غيره مما يتعلق بالجانب الاقتصادي إلا أن كلمة رئيس الجمهورية التي ألقاها في قمة الكويت أظهرت حضور هذا الجانب شبه المفقود أو شبه الغائب وعكست معرفة الرئيس وإدراكه بحقيقة المشكلة الاقتصادية التي تجثم على كاهل البلاد وجاءت في المستوى الذي ينتظر من المسؤول الأول في البلاد.
وإذا كانت مناسبة الكلمة قد اقتضت من الأخ الرئيس الإشارة لأشقائنا وإخواننا في دول الخليج العربي ودول العالم حكومات ومؤسسات ومنظمات وأفراد من أجل دعم اليمن اقتصاديا واقتضت منه تقديم المجال الاقتصادي على غيره من المجالات.. إذا كانت قد اقتضت الإشارة إليهم للالتفات إلى اليمن والالتفاف حولها لمساعدتها على تجاوز هذا المنعطف اقتصاديا وسياسيا فإن ما لا يحتاج مناسبة هو القول بأن هذه الدعوة الموجهة للخارج تتضمن –من باب أولى- تجديد الدعوة الموجهة لنا نحن اليمنيين في الوطن والمهجر من أجل الالتفاف والاصطفاف حول بعضنا وتشبيك أيادينا وتسخير جهو

قد يعجبك ايضا