اليامان

علي بارجاء


 - 

نعم (اليامان), وليس (اليابان), و(اليامان) هي (اليمن) كما ينطقها غير العرب, فيتبادر إلى الأذهان اسم (اليابان) الإمبراطورية غير الإسلامية, لتشابه الحروف, ولصلة

نعم (اليامان), وليس (اليابان), و(اليامان) هي (اليمن) كما ينطقها غير العرب, فيتبادر إلى الأذهان اسم (اليابان) الإمبراطورية غير الإسلامية, لتشابه الحروف, ولصلة القرابة بين (الميم) و(الباء) في المخرج, ولتشابه البلدين في عراقة التاريخ والحضارة والجهد البشري في التفكير والبناء والتغلب على طبيعة المكان والمخاطر, وتسخيرها لصالح الإنسان في مراحل التاريخ المختلفة.
حين نرى التطور الذي وصلت إليه اليابان اليوم نتذكر هزيمتها في الحرب العالمية الثانية, وبخاصة بعد أن أكرمتها الولايات المتحدة الأميركية بضرب (هيروشيما) و(ناجازاكي) بالقنابل الذرية في محاولة للقضاء عليها بعد أن ظهرت كقوة عسكرية وصناعية قادرة على المنافسة, وأصبحت تشكل تهديدا لمصالحها في المنطقة. وكم هي عجيبة قصة (اليابانيون) التي كتبها أدوين رايشاور.
وحين نتذكر اليابان نتذكر حال دول العالم الثالث التي تعرضت للاحتلال الأوروبي التي نالت استقلالها وهي ترفع شعارات الثورة والتحرر فيخيل إلينا أنها ـ بسبب ثرواتها ـ ستصبح في مصاف الدول المتقدمة في كل المجالات فإذا بها وبعد انقضاء ما يقارب نصف قرن من تحررها لا تزال عاجزة عن أن توفöر لشعوبها أبسط مقومات الحياة الكريمة, وظلت طاقاتها البشرية عاجزة عن المشاركة الحقيقية في البناء والتطوير, وظل الفقر هو الحاكم المتسيöد على الغالبية العظمى. وكان المستفيد من الثورة والثروة حفنة من ساستها الذين لا يستحقون البقاء.
و(اليامان) واحدة من أسوأ هذه الدول, فقد حاولت بعد الثورة أن تنهض وتتطور تطورا يشعر معه شعبها بأنهم يعيشون حياتهم في عهد جديد مغاير, وأنهم أصبحوا أفضل حالا من بريطانيا التي احتلت جنوبها, وظل الإعلام يكيل لها كل يوم الشتائم والسباب, لكونها المتسبöب الرئيس في تخلف الشعب اليمني, ومارست في حقه الظلم والاضطهاد ونهب الثروات, وحرمته من حقوقه, وفرقته وشتتت شمله. فكيف ستكون (اليامان) كـ(اليابان)¿
كل إنسان راشد عاقل يعلم يقينا استحالة المقارنة بين بلادنا وبين (اليابان) التي تعلمت من الهزيمة لتصبح اليوم في مصاف أكبر الدول المتقدمة في العالم, وظللنا نحن في (اليامان) في آخر سلم الدول المتخلفة!
مشكلتنا نحن العرب أننا نستسلم للهزائم, ونظل نتباكى ولا نفكöر في تحويلها إلى انتصارات. ومع عöلمöنا بأسباب هزائمنا, وأسباب عدم قدرتنا على تجاوزها إلا أننا لا نفعل شيئا يجعلنا نخطو إلى الأمام, بل نمارس الأحلام والكلام والأوهام.
اليابان انتقلت من التدمير إلى البناء لتصبح كما نعرفها اليوم, وفي (اليامان) ظل تدمير المكان والإنسان يقترف في كل صراع حتى اليوم, ولم نر نهوضا يعتد به حين تتفاخر الأمم بإنجازاتها¿ حتى الوحدة اليمنية التي كانت أعظم الإنجازات العربية لم نحسöن إدارتها والمحافظة عليها متينة في القلوب, ثم أصبحنا نتباكى عليها, ونحاول جعلها فرضا من الدöين حتى نقنöع الناس بضرورة بقائها لتظل سببا في الثراء لحفنة من البشر على حساب شعب كامل. فلنقف لنتأمل..
كم كانت التضحيات التي بذلها (اليامان) وهو يحاول النهوض¿ ألم تساوö خسائرنا بعد خسائر (اليابان) حتى نحقöق الحد الأدنى مما حققه (اليابانيون) أيها (اليامانيون)¿ أم أن لديهم من العقلاء من هم أكثر منا رجاحة وحöكمة¿ الحقيقة التي ينبغي أن نعرفها هي أن اليابانيين (يسبقون المسلمين إلى تطبيق مبادئ الإسلام), كما يرى الكاتب زين العابدين الركابي.

قد يعجبك ايضا