الفساد يبدأ بالإفساد !!!
عبدالرحمن بجاش
تذكرت ذلك الوزير- وأعجبني ما فعل – الذي نبه في دعوة زفاف نجله إلى ( لا تقبل الهدايا ) وقد لمحت تهنئة ملونة لوزير الداخلية الجديد , يأتي المسؤول معظم الأحيان ( زنجبيل بغباره ) , ويبدأ عمله بمثالية , وينتهي إلى الغرق في أوحال الفساد , بالطبع هذا النوع من المسؤولين يكون من الأساس مهيأ للفساد بالإفساد , وآخرون ممن يستعصي العمل على إفسادهم فتغرقهم الأيادي التي أغرقت كثيرا من السفن في البحر المحيط !! , لكن آخرين يصمدون , و يظلون سائرين على حد السيف , ويظلون في ذاكرة الناس محترمين , التهنئة الملونة استفزتني , فهي المحاولة الأولى والتي يجيدها كثيرون للسيطرة على المسؤولين صغروا أم كبروا, ويجيد مشايخ البلاد إرسال البرقيات ويدرون كيف يستفيدون , وبعضهم طور الأمر إلى ما هو أرقى فصار يدبج القصائد ويستفيد من ورائها .
هل تتذكرون برقيات التأييد بالوقوف إلى جانبكم, ونحن صواريخ بأيديكم, وسيروا والله حارسكم, وسيروا ونحن وراءكم , حتى أن أحد ظرفاء إب سألوه : ( لماذا وراءكم¿) قال : لتسهل الهربة !! فعدلت إلى ( نحن بجانبكم ) حتى جاء من هو أكثر نفاقا وحولها إلى ( سنكون في أول الصفوف ) وقد ثبت ألا أحد يسير في المقدمة سوى أصحاب النوايا الطيبة و(المدبرين ). يساهم المواطن القادر في إفساد المسؤول , وكلنا يعرف فصول الإغراءات التي تتوالى باتجاه المسؤول فما بالك بوزير يتسنم حقيبة الداخلية على ما تعنيه !! , أتذكر أن مصر في لحظه من اللحظات أوقفت التهاني للمسؤولين بمناسبة التعيين , لأن الأمر وصل إلى اللافتات في الشوارع وتأليف الأغاني , وهنا من يوم أن وعيت الدنيا في تعز تحديدا وكنت أعشق سماع الراديو ونشرات الأخبار تحديدا بسببك يا جمال عبد الناصر وندوة المستمعين من الـ bbc ومحمد عروق من صوت العرب , فما بالك بأحمد سعيد !! , كان السلال رحمه الله كلما ألقى خطابا وهدد ب( سنعلنها حربا شعواء على الملكية والاستعمار ) و( سنضرب بيد من حديد ) حتى يتدفق سيل المشايخ أولا ويتبعهم التجار وكل الفئات خوفا وطمعا بمئات البرقيات , لتظل إذاعة صنعاء طوال اليوم ( ومن مشايخ وأعيان…. هذه البرقية ) ,تطور الأمر الآن الى التهاني , وانظر فما أن يبدأ شيخ البلاد برفع أول برقية حتى يبدأ الآخرون بالوسوسة ( وأنا لو ما ارسلتوش شيحسبها الرئيس الوزير أو الوزير علي ) ويصل الأمر إلى التجار حتى وصل الأمر بصحيفة مشهورة كان التجار يفاجأون ببرقيات تهان وبالصفحات في أعدادها , وغصبا عنهم يدفعون , وفي النفس ما فيها , إذ يوهمون بان ( ….) سيغضب منهم , ولسان حالهم يقول ( الباب الذي يأتي منه الريح ………..) , ولان الوجه يستحي من الوجه فليس كل من يرفع برقية يستفيد , من يستفيد منها أصحاب ضربة البداية وبالذات بعض المشايخ و(حمران العيون ) , ولأن الوجه من الوجه يستحي وأنت في بلد علاقاته الاجتماعية تكبلك معظم الأحيان ب ( الله المستعان ) فلا بد أن تتأثر ببرقية فلان من الناس وهنا يبدأ الدخول إلى عالم الفساد من باب الإفساد , الذي يساهم هؤلاء في تفشيه, ثم نرجع نصيح كما قال صاحب التاكسي (المسؤول الفلاني فاسد) وهم من أفسدوه بالطيب والبطال , مع الأخذ بعين الاعتبار أن بعضهم يأتي “فاسد جاهز” !!! , الآن وبرغم الخسارة للصحف الرسمية , لا بد لمجلس الوزراء أن يصدر توجيها يمنع بموجبه نشر التهاني لأي مسؤول بمناسبة التعيين , وانظر كيف نتحول إلى ملكيين أكثر من الملك , فقد علمت أن وزير الداخلية الجديد لا يزال في طور إعداد رسالة الدكتوراه , لكن الفرقة إياها تصر على منحه الدرجة شعبيا قبل أن ينالها أكاديميا !!! , أغلقوا أبواب الإفساد ولتكن البداية من منع التهاني وبرقيات التأييد والاستنكار والشجب ……نريد دولة يا قوم تحل محل كل هذا العبث الذي ورثناه , فلا تؤسسوا كيانا آخر نكون بحاجة إلى فترات إضافية لتصفية آثاره .