الدروس القاسية..والخيار الأوحد!!
جمال الظاهري
اليمن اليوم أمام امتحان صعب وأمامها تفرعات كثيرة للطرق قدم المتحاورون صورة نظرية لمواصفات المسار الذي يجب أن تسلكه وبعيدا عن رأي من ساند أو رفض المخرجات من اليمنيين فإن الجميع بعد كل الذي عانوه يراقبون ويسجلون الأخطاء ويدونون الملاحظات ويترقبون الخطوات القادمة وما سينتج عنها..
الدستور الموعود قد يكون بداية إعلان الموقف الكلي مما تم انجازه وما يراد إنجازه في المستقبل .. به سيقرأ اليمنيون ما التبس عليهم بوضوح وبما سيحمله لهم ستكون المباركة أو إعلان النفير .. فبعد الذي كان وما عانوه فإنهم ينتظرون أن يروا بارقة أمل تعيد لهم الروح وتنعش في أفئدتهم الآمال .. هذا لن يتحقق ما لم يكن هذا الدستور معبرا عن همومهم وما يريدونه لأنفسهم ولوطنهم لن يتحقق ما لم يشعر الناس بأن عهد الإذلال لليمني وارتهان حياته للأجنبي قد ولى .. ما لم يشعر كل واحد منهم بأن حقوقه وكرامته مصانة ما لم يشعر من ينوي أن يسافر إلى أي بلد شقيق أو أجنبي بأنه يستطيع أن يعلن عن هويته وهو رافع رأسه.
مرت اليمن بمحن كبيرة وكثيرة وتجرع هذا الشعب آلاما وأوجاعا خلال السنوات الأخيرة فكانت بالنسبة له دروسا وإن كانت قاسية إلا أنها كانت باعثا ومحركا له تدفعه إلى إعادة ترتيب أولوياته وتقييم تحالفات أنظمته واستخلص نتائج وعبر من شريان الأوجاع الطويل الذي حشر فيه حشرا من قبل نافذين وأحزاب وكيانات ومنظمات من الصعب أن ينساها أو يتجاهلها حين يقف أمام مسودة الدستور التي سيستفتى عليها.
من هذه الدروس تعلم الشعب اليمني أن كل ما يلمع ليس ذهبا وأن كل ما يغطيه التراب ليس تبرا وأن كل ما هو مغيب ليس شرطا أن يكون مخيفا, تعلم أن الديمقراطية ليست في الصندوق أو في النصوص والنظريات فقط وأنها ليست آمنة ومثلما قد تكون احد الخيارات فإن هناك خيارات أخرى غيرها, وأنها رغم مظهرها الجميل فإنها قد تنتج ما يخاف ويهرب منه .. تعلم أن مبدأ عدو عدوي صديقي ليس صائبا على الدوام وأن خصم الأمس قد يكون هو المنقذ من حليف اليوم تعلم أن إعطاء المهل والصبر الزائد يزيد من تفاقم الوضع وتردي حالة الناس.. تعلم أن بعض الأوبئة لا ينفع معها الكي أو التطهير بل يستوجب استئصالها وتحمل ألم الجراحة كي يستعيد العافية.
تعلم أنه من اللازم تفحص ما تحت الدثر بعناية مهما كانت روحانيته أو بريقه ولمعانه وأن العين من السهل خداعها وأن السمع كثيرا ما يسحر ويخدر, وأن الهدية من صاحب حاجة ليست إلا رشوة, وأن الانتصار لطالب السلطة والنفوذ على غير هداية وبدون استحقاق إنما يورث في الأخير الخسران والندامة .. وأخيرا وليس آخر فإن الخيار الأوحد ليس هو الحل وأن الاعتدال وإثبات حسن النوايا الطيبة لا يكون إلا بالعمل على أرض الواقع لا بالكلام والوعود .
Aldahry1@hotmail.com