عبد الرؤوف عبد الودود ..

عبد الرحمن بجاش

 - 


وهذا فارس آخر يترجل ويودع الحياة , كمدا , مرضا , إحباطا , ضياعا , بعد أن حلم بوطن فقط يتساوى فيه بالآخرين , لكن الآخرين فرضوا عليه أن يكون أقل منهم , خاصة وقد تعدى

وهذا فارس آخر يترجل ويودع الحياة , كمدا , مرضا , إحباطا , ضياعا , بعد أن حلم بوطن فقط يتساوى فيه بالآخرين , لكن الآخرين فرضوا عليه أن يكون أقل منهم , خاصة وقد تعدى الخط الأحمر الذي وضعوه بين الناس والناس والتحق بالجيش , وبالقوات الجوية تحديدا , يوم أن جاء عبدالرؤوف عبد الودود ببدلة القوات الجوية من الاتحاد السوفيتي , كدنا نطير من الانبهار , شاب وسيم , مكتنز القامة , قصيرها, تكاد الرتب تقفز من على كتفه فرحا , ونسر القوات الجوية الأكثر فخرا لصاحبه في جيوش الدنيا يكاد يطير هو الآخر ابتهاجا بالشاب الذي عاد ناجحا ….كيف لا …وفي القوات الجوية !! , كادت قرانا يومها خاصة قريتي العفيف والمجزعة التي لا تبعد عنا باثنين أحوال أن يزغردا , بل لقد غنتا للعائد الناجح الطيار الحربي عبدالرؤوف عبد الودود , كان النسر اليمني يومها من كل البلاد يحمي الأجواء , خذ اللواء الآن مهاجر طيار عبد الجليل نعمان محمد غالب , خذ محمد المهدي , خذ المعمري , خذ محمد شائف جار الله ,خذ الشريفي, خذ المحضار, خذ محمد ضيف الله , خذ سلطان عبد الولي , خذ نعمان علي القدسي , خذ عبد الرب القدسي , خذ اللواء طيار عبده صالح سعيد والمرمي الآن في قريته كما رمي كثيرون من ضباط الوحدات الأخرى كاللواء احمد عبد الله البطر , واللواء عبد الكريم سيف من يوم أن بدأت الأيدي والأفكار العقيمة تحول الجيش إلى مؤسسة تتبع جهة واحدة ولا تقبل أيا كان لحسبة أوصلت البلاد كلها إلى المخنق !! , وربما فلكل ضارة نفعها , فقد جاءت مرحلة الآن نطلب وننادي برد الاعتبار لأبطال القوات الجوية الذين قيل لهم في لحظة عقم وأنانية مفرطة ( مرتباتكم ستصلكم إلى البيوت ) , وفي البيوت وصل الذحل إلى قمة النفوس , وتخيلوا بلد يصرف دم قلبه على أعداد طيارين يعودون دارسين متفوقين يتوقون لخدمة الوطن يقال لهم فقط بسبب انتمائهم إلى مناطق محددة ( اذهبوا ولا تورونا وجوهكم ) , لتختزل القوات الجوية في من نحر لحمها وعظامها , حتى عظامها تحولت إلى رماد!! , والآن هي الفرصة لإعادة الجيش اليمني إلى ما قبل أغسطس 68 جيش لم يكن أحد يسأل أحدا من أين أنت ¿¿ بل في أي جبل قاتلت¿ ومن أي جبهة عدت حتى قيل لمن قيل ( دقدقوا عظام شباب الضباط ) وبأقرب تهمه ( الحزبية ) وهانحن الآن نصاب بالتخمة الحزبية !! , اقسم بالله العظيم أن هذا الطيار أو المهندس طيار عبدالرؤوف عبدالودود وقبل فترة لا تتعدى العام لم يعرفني وأنا احتضنه مسلما , بدا وكأن عمره زاد على الألف سنه , كبر بسبب رغبة البعض في الإقصاء والسيطرة , والتفرد المغرور , لم يدركوا انه سيأتي يوم يجدون فيه أنفسهم في الشارع , تخيلوا أنهم مخلدون , وما يخلد سوى من خلقنا وخلقهم وخلق المحبطين !! شعرت بغصة كادت تخنقني وأنا أصافح عبدالرؤوف , سألته : كيف ¿¿ قال : لا يقبلونا حتى ندخل من البوابة !! . لقد لعبت القوات الجوية في بداياتها أدوارا بطولية على قلة أفرادها تشهد لها الجبال والسهول التي مر طياروها من فوقها يرفعون العلم الجمهوري , وان أردتم فأعيدوا قراءة آخر مقابلة للدكتور حسن مكي , وسترون ما قدم نفر من أبطال هذه البلاد للثورة والجمهورية , وكان جزاء أكفأهم ( خلوكم في البيوت ) حتى أنهك بعضهم من الإهمال , وهاجر هربا من مصير محتوم من هاجر , وتحول طيارو القوات الجوية من جنوب البلاد إلى مروجين للقات , ودلالين , فقط ليرضي العقم نفسه بأنه انتصر ,الألم يعتصر الفؤاد ليس من الموت بل للإحساس بفداحة القهر, أما الموت هو الحقيقة التي لا يختلف عليها أحد وهو في مثل ظرف عبدالرؤوف نعمة من نعم الله لكي يرتاح الإنسان من عنت الإنسان , عبدالرؤوف عبد الودود احد أبطال القوات الجوية اليمنية يذهب بهدوء , لم ينتبه احد , لم يسأل احد , لم يشارك في جنازته من يفترض أن يشارك , لسبب بسيط مهم كبير , انه نسي كما نسي الآخرون ويكفي أن الطيبين من البسطاء هم من أتوا وأفضل ألف مرة إلا يأتي من يستثمرون حتى موت أمثال عبدالرؤوف , انه ما لم يرد الاعتبار لهؤلاء الذين يتساقطون منسيين الآن وقد قدموا ما استطاعوا بدون ادعاء فكأننا لم نفعل شيئا , ويا سماوات الله ترحمي على هؤلاء الأبطال من قاموا بالفعل ونهبه الناهبون …….ويا عبدالرؤوف عبد الودود عليك سلام الله من قريتك المجزعة بقدس حتى مثواك الأخير بماجل الدمه ….., ولا نامت أعين من وزعوا هذا الوطن إلى أصول وفصول ونخبة درجة أولى ومواطنين درجة عاشرة ……. , ويا أيها اليمنيون هي فرصة تاريخية لإعادة الاعتبار …فلا تضيعوها ….., وأنا قلبي يبكي ألما ….

قد يعجبك ايضا