غيبة في المكان
محمد المساح
الغرفة فارغة لا شيء هناك سوى صورة ملصقة على إحدى الجدران أقتطعت من إحدى الصحف على ما يبدو صورة جانبية لامرأة مكشوفة الرأس ولأن الصورة بلا إطار فقد بدأ عليها الإصفرار والتآكل من أطرافها.. معالم الوجه لم تعد واضحة ما عدا, عينان سوداوتان تحدقان بشدة في فضاء الغرفة تلك العلامة الوحيدة التي تلفت النظر وهو يتحسس الفراغ الكامل والأرضية العارية باب الغرفة خشبي.. وبلا مفتاح أو قفل.. ما عدا ثقب شاغر تستطيع العين خلاله من رؤية الظلام في الداخل حين ينطبق الباب من الخارج أو رؤية الخارج حين ينطبق الباب من الداخللأن الباب.. يدور دورة كاملة أحيانا يلتصق إلى الداخل حين يدفعه الريح من الخارج وإذا صادف وصاحب الغرفة في الداخل دفعه نحو الخارج لأنه لا يحب الأبواب المغلقة غرفة وحيدة مربعة الشكل.. يميزها الباب الفاغر شدفيه بلا نافذة.. ليست بعيدة عن المدينة تقترب منها بقليل يحيط فضاء رملي وهناك بعد أن ينتهي من تجواله اليومي في شوارع المدينة.. تأخذه قدميه إلى تلك الغرفة.. حاملا معه قطع كرتونية يفرشها في الوسط يقتعد أو ينام يسترخي يدخل ويخرج متوحدا مع نفسه.. حتى تحين ورود الحالة لا تأتيه بانتظام تأتيه حسب مجيئها.. يتربع في وسط الأرضية ويبدأ في التحديق في عيني صاحبة الصورة ورويدا رويدا يدخل حالة استغراق عميق يذهب في غور العيون.. ويعبر إلى عالمه البعيد.. إلى أين يذهب¿ أو في حلم أم يقظه أم غفوة¿ لا أحد يعلم ولا هو أيضا يعلم الآخرين قد تستمر ساعات تلك الغيبة يوم .. أيام.. لا يتدخل في الأمر حسب الحالة ورودها وتوقفها.