المياه ركيزة التنمية والاستثمار
محمد العريقي
محمد العريقي –
كل هذه الإرهاصات التي تشهدها الساحة اليمنية , تعكس في مجملها رغبة الناس جميعا (وأقصد هنا الـ25 مليون نسمة) -غير الحفنة المصلحية التي تدير الصراعات والفوضى – أقول إن كل الناس يتطلعون لغد أفضل تتحقق فيه الحياة الكريمة .
وأول ما يتبادر في ذهن كل فرد وهو يرسم صورة المستقبل الذي ينشده هو العيش بأمن وأمان, والانطلاق نحو البناء والتنمية التي تقوم على استثمار كل الإمكانيات (الطبيعية, والبشرية, والمادية).
هذه الثلاث الحلقات المتضافرة تستوجب تفعيلها بطريقة حثيثة حتى تسير قاطرة التنمية إلى الأمام.
سألت أحد رجال الأعمال من تعز (إقليم الجند مستقبلا): الآن وقد توضحت ملامح وشكل الدولة في المستقبل (نظام الأقاليم) ماذا ستعملون كرجال أعمال ومستثمرين لإقليم الجند فأبناء هذا الإقليم يعولون عليكم الكثير¿
فاجأني ذلك المستثمر بوضع أصبعه على أهم تحد حقيقي أمام التنمية في اليمن عموما وتعز وإب خصوصا, وهي شحة الموارد المائية’ فقال أولا تحل مشكلة ندرة المياه.
وهذه مسألة لا تستحق أي ذكاء, فعندما نربط التنمية بضرورة توفر وحسن استخدام الموارد المائية, فإننا نعني بذلك الديمومة والنمو, فكل شيء مرتبط بالمياه, وليس في هذا مبالغة ولا يستطيع أحد أن يجادل في هذه الحقيقة.
إذا بالنسبة لليمن عموما وإقليم الجند خصوصا, فإن قضية المياه يجب أن تكون على رأس أولويات الخطط والمشاريع الإستراتيجية التي يجب أن تنفذ في المستقبل, ولاشك أن مجالات الاستثمار في قطاع المياه سيكون أكثر المجالات حيوية, لأن التنمية الزراعية والصناعية والسياحية والتجارية ستعتمد عليها في هذا الإقليم الذي يضم أكبر كثافة سكانية في اليمن (قرابة 6 ملايين نسمة) قرابة 350 شخصا لكل كيلومتر, مقارنة مع أقاليم أخرى 7 أشخاص لكل كيلومتر.
وكما هو معروف فإن الجهات الرسمية أثبتت عجزها عن حل مشكلة المياه , وأصبح من الضرورة بمكان أن يلعب القطاع الخاص دوره الاستثماري في هذا المجال , ليس فقط لتحسين خدمات مياه الشرب للمواطنين, وإنما أيضا لتحريك عجلة التنمية الصناعية والتجارية والبيئية.
ويمكن للقطاع الخاص أن يكون شريكا فاعلا في إدارة وتوفير موارد مائية جديدة وخاصة في قطاع تحلية المياه, من خلال إنشاء مؤسسة تختص بموضوع التحلية وتكون رديفا فنيا واستثماريا لمؤسسات المياه الراغبة في التعاقد مع القطاع الخاص لمدها بمياه محلاة وبأسعار أفضل وبما يساعد على بناء الخبرة الوطنية في مجال التحلية وتراكمها في إطار مؤسسي.
وينظر الخبراء باهتمام لهذه المشاركة كونها ستهيئ الفرصة لخفض الدعم وتسهم في ضخ استثمارات جديدة بعيدة عن الموازنة العامة للدولة مما يعطي فرصة أكبر لتوجيه مزيد من الاعتمادات إلى المناطق المحرومة بالإضافة إلى إدخال أحدث التكنولوجيا المائية.
ولذلك ينبغي اتخاذ الإجراءات الضرورية لتطوير دور القطاع الخاص من أجل رفع نسبة الخدمة وتقليص التكاليف.
ومما يمكن عمله في هذا الصدد وضع تشريعات (لوائح ونظم) تبين على وجه الدقة حقوق وواجبات القطاع الخاص في مجال مد المدن بالمياه .