رسالة الحوار.. “تذكر الماضي لا يمكنه إنقاذ المستقبل”

محمــــد محمـــــد إبراهيـــــم

 - 


mibrahim734777818@gmail.com
"تذكر الماضي لا يمكنه إنقاذ المستقبل"....
عبارة قالها صاحب أكبر ق
محمــــد محمـــــد إبراهيـــــم –

mibrahim734777818@gmail.com
“تذكر الماضي لا يمكنه إنقاذ المستقبل”….
عبارة قالها صاحب أكبر قصة حب في العالم حيث استمرت فصول عذاباتها ولهيب وهجها نحو 54 عاما ليحول بطل الرواية –بهذه العبارة- مسار القطيعة على نار التطلع والأمل إلى لحظة وصال طوت الماضي والحاضر وأنارت ضبابية المستقبل إنها رواية ماركيز (الحب في زمن الكوليرا )..
أتذكرها الآن في مقام السياسة مع أن القارئ قد يستغرب اعتبارها شاهدا حيا على ما يجري في اليمن الحبيب لكن من يمعن النظر فيها سيجد خيوط الربط بوضوح كبير فالعاطفة التي حملت الحب أكثر من نصف قرن بإمكانها أن تحمل الكرúه والحقد لتدمير العالم في أيام إن لم نقل لحظة.. والشاهد هنا أن بطل الرواية حين اعتزم القطيعة مع الماضي مضى إلى حيث يريد واكتشف أن بينه والعذاب الذي لاقاه في حب امرأة ليس سوى خيط قطعه بتطبيق العبارة “تذكر الماضي لا يمكنه إنقاذ المستقبل” على أرض الواقع أي بنسيان هواجس الأمس المقلقة..
ذلك هو حال اليمنيين لقد طال بهم الأمل في طي صفحة الماضي منذ أكثر من نصف قرن وتاه بالجمع السياسي منبر الخطاب في نقيع التطلعات المخيم في سماء أهم مرحلة يمنية شغل أبطالها بتقديس الشعارات ومغازلة المستقبل ونسوا العمل الذي يفترض أن يكون روح الحاضر وليس دوامة حساب بلا جدوى ولا يفضي إلى نتيجة سوى استهلاك الحاضر وضياع المستقبل..
لقد احترت في قراءة شريط طويل من خطابات أبطال هذه المرحلة الحاسمة في تاريخ اليمن المعاصر.. فكل من يردد عبارة ” إغلاق صفحة الماضي” لا يلبث أن يأخذ النفس الذي يعقبها إلا وسرد بإسهاب مساوئ الماضي السياسي ونظمه السوداوية وطموح التغيير الربيعي وواجبه في محاسبة الماضي.. ويسترسل الساسة – حتى العقلاء منهم وحتى نحن الإعلاميين– في سرد نثرات السياسة ومرض الاقتصاد وغيبوبة الأمن وحذق الحزب الفلاني المحسوب على محور الشر وقوى النفوذ القبلي أو السياسي أو العسكري ولم نتذكر الشعار الذي حمله الحوار الوطني وخرج به التوافق الوطني المتمثل في (القطيعة مع الماضي بكل أوجاعه)..
يا كل يمني..! عليك أن تدرك أن ما قتل اليمن ومزق اليمنيين منذ الأزل ليس نظاما سياسيا وإنما نسيج ثقافي قائم على الدونية والمفاضلة والطبقية وعدم الاكتراث لداعي العقل في احترام الآخر وإجلال النöعم ولعل هذه الأخيرة كانت هي مبعث لعنة الجنتين التي جعلتنا أحاديث فمزöقا شر ممزق(…..)
ولست أتحدث عن ذلك استرسالا في الماضي بقدر حرصي على أن أقرأ دروس الماضي ولا أدعو إلى محاسبته وما أريده هو الخلاصة إلى رسالة الحوار الوطني الشامل في مغادرة الماضي بنسيان ثقافته التي عكست نفسها على مجريات ما حدث ويحدث على الساحة اليمنية حيث الحرب فرصة لإيجاد الذات القبلية بأي ثمن وفرصة للتجارة تحت أي مبرر والسلم والحوار فرصتاك لتواصل ضغوطك وتكسب أكثر وفي صناعة النص القانوني ألف فرصة لترويض النصوص لتكون الرابح يخسر اليمن في نهاية المطاف وعند اللزوم ( تغدى بهم قبل يتعشوا بك).. فأين المخرج..¿..
إنها ثقافة تراكمت منذ قرون والنبش فيها مزايدة على كل منطق فلا حاضر اليمن بما يملكه من نشوات انتصارات وهمية وموارد ودعم دولي وخليجي يمكنه أن يجبر ضرر الماضي ولا مستقبل المستقبل يمكنه أيضا معالجة ما سيفضي إليه الحاضر إن أضعناه..
يا كل يمني ينشد المستقبل.. ! عليك أن تدرك أن مساوئ الإمامة ليست بالسوء الكبير ذاته الذي أضاع اليمن فالأسوأ منه أن نضيع في شتيمته 52 عاما استهلكنا خلالها المقدرات والإمكانيات دون أن نلتفت لعامل الزمن من العمر الذي أفضى بنا إلى الحوار الوطني الشامل.. وعلينا أن نثق جميعا لا قيمة لمخرجات الحوار الوطني- التي تعد انتصارا كبيرا لليمنيين – إلا بتطبيقها على أرض الواقع بعيدا عن الكيد السياسي وثقافة “أنا أفضل ومن يكون فلان !! وقبيلتي كذا وكذا “..
يا كل يمني يحتفل ويتفاءل ويضيع العمل ويعيش على الأمل..! من أراد السلطة عليه أن يقدم مشروعه للشعب ويترك المعارك والغزوات والاحتفال على جثث الضحايا ليلتقي الجميع في الصندوق وبدون ذلك سنضيع الحاضر في محاكمة الماضي وسيلعن المستقبل حاضرنا الذي يحكمه موتى ننتحر صراعا على قيمهم ولا نتمثلها وهفواتهم التي لسنا مسؤولين عنها.. لا في حياتنا ولا بعد مماتنا..

قد يعجبك ايضا