هادي وحكم التاريخ

أحمد الشرعبي

 - أنجز مؤتمر الحوار الوطني الجزء الأكبر من مهامه ووفر الخامات المطلوبة لبناء دولة المستقبل ووضع اللبنة الأساس لقيام جمهورية اليمن الاتحادية حاضنا وطنيا واسعا يستوعب
أنجز مؤتمر الحوار الوطني الجزء الأكبر من مهامه ووفر الخامات المطلوبة لبناء دولة المستقبل ووضع اللبنة الأساس لقيام جمهورية اليمن الاتحادية حاضنا وطنيا واسعا يستوعب ويحترم خيارات الناس وخصوصياتهم المحلية ويستجمع من ضحوات المشاركة الواعية لأبناء الأقاليم منابع الزخم الوطني لبلورة القواعد السياسية والقانونية والأمنية والاقتصادية الضامنة متانة وفعالية المؤسسات المركزية المعنية بالشؤون السيادية في تركيبة الدولة الوليدة.
وخلال الـ48 ساعة التي سبقت أو تلت انعقاد مهرجان التتويج شهد اليمنيون قصفا مدويا استهدف اليمن الجديد.. ساعتها لم يكن حبر مخرجات الحوار وتوقيعات الفرقاء قد جف بعد.
الرئيس هادي حمل بشرى العثور على يمن جدير بالاحتفاء وهو وحده الذي كرس معظم وقته والكثير الكثير من قراراته لترميم البيوت التقليدية ليحول دون سقوطها على رؤوس قيادات الصراع وبمحصلة ذلك لا أحد يدري الآن كيف ستنجو بشراه تلك أو كيف سينجو هو الآخر من هذا القصف العنيف الصادر عن قاطني البيوت التي عكف الرجل على ترميمها طوال الفترة الماضية.
وأعجب من هذا أو قل الأغرب منه استخدام طرفي الصراع نمطا من القذائف لا يصل مداها إلى أي منهما لكنها تؤدي فعاليتها الكاملة عند منتصف المسافة وتحديدا حيث تتراءى البشرى أو عندما يتحسس الرئيس رأسه ذاهلا من مفارقات لا تحمل على غير البكاء!
ليس واضحا إن كان ما حدث أو يحدث بين من نسميهم أطراف الصراع التقليدي حروبا حقيقية أم مناورات لاستدامة أسباب الانهيار بما هي نفسها أسباب التحالفات المتجذرة بين الإسلام السياسي والقبيلة
لست أدري والحال (يمنا جديدا) كما قيل إن كانت حقبة 33 عاما في عهدة رجل واحد ذي قبعة ووحيد حافظت على ديمومتها دون هذا الصخب العابث من مناورات الصراع المفتعل بين عسكر القبيلة وعسس الإخوان!! وما أدريه حد اليقين أن احتراباتهما قبل وأثناء وبعد الحوار لا تعدو المناورات التي يضحي كل منهما بمن يقذف بهم سوء التقدير إلى جرابه من مخدوعين ــ احسبني في عدادهم ــ سلكوا خيار الربيع متعدد الأحراش والأدغال والمخاتلات.
اعطني مثلا في التاريخ عن حاكم ــ عادل أو مستبد ــ أمضى ثلاثة عقود في قمة السلطة وخرجت الملايين ثائرة عليه ثم لزمها البقاء في ساحات الرفض أشهر ريثما تبرؤ جراحه ويغادر مشفاه ويقفل عائدا لإعلان تخليه عن السلطة مقابل استمراره في تسعير الأزمات..¿ إن لم يكن هذا المثل ضمن أظابير التاريخ السياسي على امتداد العالم فلم تنفرد اليمن به ويقرر الإنسان تعطيل عقله¿ ولماذا الاسراف في تمجيد الوهم والنظر إلى مجريات الأوضاع كما لو أن صراعا فعليا قد نشب بين عسكر القبيلة وعسس الإخوان..¿ ما من شاهد ولو متواضع ينفي هزلية الأحداث في بلادنا فيوم شارف الحوار على الاختتام قال قوم كيف نحقق نتائجه في ظل حكومة وفاق مجمع على ضعفها ما يدعو لاختيار حكومة تكنوقراط بشروط الكفاءة لا المحاصصة لكن الإخوان بجناحيهما الأمني والقبلي انفردوا بمعارضة الفكرة ليجري العدول عنها إلى تغيير جزئي وتلويح باستدعاء القطيع لإسقاط الرئيس المنتخب إذا قرر التمرد على ثقافة الصفقات.. وفي اللحظات الفاصلة وعندما ضاق صدر هادي من تلك الضغوط وظهرت بوادر موقف رئاسي ينتصر لقيم الدولة خرج رأس النظام السابق بتصريحات غير مسبوقة بدا معها وكأنما يعمل عتالا يحمل الأثقال من كاهل الإخوان إلى كاهله ومنهما معا إلى عربة المؤتمر الشعبي المعنى بدفع الفواتير نيابة عن مختلف القوى المناهضة لبشرى اليمن الجديد..
المشهد حافل بالمخاتلات عامر بالخدع مكتظ بالمفارقات وإلا.. فلأي هدف يحشد علي صالح ما في جعبته من استفزازات وبواعث استعداء للرئيس هادي إن لم تكن تلك الشحنات الطافحة بالتهكم هدفها خلق ردود فعل تصب في خدمة الإخوان فما المراد منها إذن¿
وبموازاة ذلك ما الذي يحمل قادة الإخوان للدفاع المستميت عن وزراء المالية والكهرباء والداخلية رغم الأثر السلبي الجائر على شعبية حزب الإصلاح¿. أليس الهدف رد الاعتبار للنظام السابق وإهانة الضمير الوطني للثورة الشبابية واهالة التراب على قيم التغيير المؤمل تجسيدها بانتقاء الأفضل من الرؤى والأكفأ من القدرات والأنزه من الممارسات السلوكية¿
لست عرافا ألقي المجازفات المتفرسة في وجه القادم من المناورات البلهاء.. لكني أقرأ معطيات المشهد وأمعن التمحيص في مستجدات الواقع وتوالياته البيانية على نحو يعزز الاعتقاد بأن بشرى الرئيس عبدربه منصور هادي بيمن جديد لم تعد مجرد أضغاث أحلام تمليها حاجته للسلطة ولكنها غدت إعلانا تاريخيا موثقا على ا

قد يعجبك ايضا