الجلسة الختامية.. العفوية التي صنعت البعد الجماهيري

محمــــد محمـــــد إبراهيـــــم

 - 
كان الحضور استثنائيا في يوم 21 يناير 2014م  لقد حضرت المعضلات جميعها بل خلاصاتها وحلولها التي غربلها اليمنيون خلال عشرة أشهر شهد فيها "موفمبيك" مدا وجزرا جمع الغضب
محمــــد محمـــــد إبراهيـــــم –

كان الحضور استثنائيا في يوم 21 يناير 2014م لقد حضرت المعضلات جميعها بل خلاصاتها وحلولها التي غربلها اليمنيون خلال عشرة أشهر شهد فيها “موفمبيك” مدا وجزرا جمع الغضب والسخط والعراك بالأيدي والصفعات المفاجئة بين الحين والآخر وها هو في هذا التاريخ بالذات يشهد يوما عصيا على النسيان أنه اليوم الذي انتصرت في إرادة الخير على إرادة الشر..
“…. إذن ورطتموني.. “..
قال هذه العبارة مبتسما بعد أن خاض ساعات من النقاش الجدي المسئول على الفضاء المباشر إذ لم يكن الرئيس عبد ربه منصور هادي على علم – حين سحب من جيبه كلمة الجلسة العامة الختامية لمؤتمر الحوار الوطني المعدة مسبقا- يعلم أن كل ما دار في القاعة قد وصل إلى كل أرجاء اليمن بل إلى الفضاء الخارجي.. وحتى إن كان يعلم بذلك فالجميع أدرك أن تلك العفوية قد منحت الجلسة الختامية بعدها الجماهيري الأهم الذي عزز أهمية الحوار الوطني وشدت الجميع إلى ضرورة مغادرة الماضي توجها صوب الحاضر عبر سلم الشراكة في البناء والثروة والسلطة..
“أن أقتل أو يقتل الطاقم الذي بجانبي.. لكن الحوار سيستمر ” ..
هذا هي خلاصة الاصرار والعزيمة على نهج الحوار مهما كانت جسامة التضحية إنه الدفاع عن المسار القيمي للحياة والتعايش والسلام.. نقل البث المباشر عبر هذه العبارة الوطنية لليمنيين وللعالم رسالة الأمل مؤكدا أن الحوار ليس مجرد أشخاص يتناقشون في محطة زمنية حول مسائل خلافية وانتهى الأمر بالسلم أو الحرب بل هو مسلك لا مفر منه لوصول اليمن الى المستقبل..
لقد سطر الرئيس عبد ربه منصور هادي- رئيس الجمهورية- في هذا اليوم بنقاشه الجاد المفعم بالعفوية أنصع صور العزيمة التي عكست شخصية بحجم المرحلة المحاطة بالخطر.. إنها العفوية التي منحت الجماهير الأمل الكبير بنجاح الحوار الوطني نصا ووثيقة توافقية وفتحت الباب على مصراعيه للتفاؤل بمستقبل يضع الجميع في دائرة المساوة والمواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات..
كما دلت في نفس الوقت على قائد سياسي محنك ورجل عسكري حملته أقدار الصراع إلى محطة الانقاذ ليتجلى رغم احتدام الصعاب والتضحيات في أروع وأنصع مشاهد الرصانة العمل القيادي الفذ كما عكست لديه الاستعداد الفطري للتضحية غير المحسوبة من قبل كل قوى الشر التي لا تريد الخير لليمن بل عرفت منذ زمن طويل بمشاريع التشطير والتجزئة للهوية الواحدة والتاريخ اليمني الواحد..
أقول هذا عن الجلسة الختامية التي انعقدت في موفمبيك في 21 يناير ليس من باب الإطراء بل من باب الواقع الذي فرض نفسه كمعطى انجاز لكل القوى السياسية اليمنية التي صاغت الوفاق الوطنية وارتضت مرجعية الحكمة كبديل للسياسة والعاطفة وهو اليوم الذي لم يكن يتوقع المجتمع الدولي أن يكون بهذا الختام الحكيم.. فبرغم الدماء الطاهرة التي سفكتها أيادي الشر والإثم باغتيال الدكتور أحمد شرف الدين عضو مؤتمر الحوار عن مكون أنصار الله إلا أن الجلسة الختامية سارت كما يجب محتملة ألم التضحية برضى وطني كبير…
إن ما جرى من نقاش جاد أداره فخامة رئيس الجمهوريـة عبد ربه منصور هادي على الهواء مباشرة كان أهم بكثير من الكلمة الرسمية- رغم قوتها وبيانها الواقعي- والبيان الختامي- رغم تفاصيله الشاملة لحلول المشاكل اليمنية- وليس لأن ذلك النقاش قد بعث الرسائل الأهم إلى الجماهير بلغتهم وأطفأ هواجس خوفهم من فشل الحوار على عتبات الخروج وبعد عشرة أشهر من التفاوض والخلاف والجدل بل لأن ذلك النقاش قد جس مفاتيح التحديات القادمة حيث حذر فيه رئيس الجمهورية كل قوى النفوذ من محاولة التهرب من عبور سراط التطبيـق- الذي سيشذب المصالح والمطامع الخاصة لصالح المصلحة العامة كتهيئة لبناء دولة المواطنة المتساوية – في الفترة القادمة…
والأهم من ذلك – في ختام القـول- هو تأكيد الرئيس هـادي على أنه سيتخذ قرارات جديدة وشجاعة في هذا الاتجاه داعيا من يعرفهم على الصعيد السياسي أن لا يغلق أحد منهم هاتفه… وهي اشارة صريحة تترجم التجربة الصعبة والجهود المضنية التي بذله هادي في مسار لملمة شتات الصراع خلال مرحلة التسوية السياسية وتهرب الرموز المسيـسة أكثر من واقع اليمني الثقافي والقيمي الأصيل خصوصا من يفكر أن الشعب اليمني سيظل مرهونا بتجاوبه أو حضوره أو غيابه أو حنقه خارج أو داخل الوطن.. لقد نجح الحوار وتكلل برضى اليمنيين واعجـاب العالم.. والجميـع بانتظار القرارات الجمهورية الأهم في مسار تنفيذ هذه المخرجا

قد يعجبك ايضا