هادي وأولويات اليمن

أحمد الشرعبي

 - نتحدث عن الماضي بقرف وتقزز.. نحس به قبرا تجثو فيه تطلعاتنا في الحاضر وقيدا يعوق حركتنا إلى المستقبل.
نكره أن يكون الماضي كتابا

نتحدث عن الماضي بقرف وتقزز.. نحس به قبرا تجثو فيه تطلعاتنا في الحاضر وقيدا يعوق حركتنا إلى المستقبل.
نكره أن يكون الماضي كتابا تكتض بثأراته حقائبنا أو مدادا يملأ محابرنا أو وثيقة نتداولها في مؤتمراتنا.
وتحركنا دوافع موضوعية للنفور من الماضي كل الماضي وكأننا على خصومة مع التاريخ أو لكأن التاريخ نفسه ليست لديه مدونات أخرى غير أشكال الوصاية بأطوارها المتخلفة وتعبيراتها الانتهازية المكتنزة في غور الاستبداد السلالي والتداين السياسي.
نزدري الماضي على إطلاقه لأننا لا نعاين من تمثلاته الحياتية وأنماطه السلوكية شيئا مختلفا عن المثل الفكاهي لمتجر كبير يحمل لوحة عريضة كتب عليها (السلام للتجارة والاستيراد لصاحبه الحسين عبدالمؤمن العاقل) وفي الحقيقة فإن جميع السلع المعروضة لديه لا تتجاوز السموم بأصنافها المختلفة والأسلحة الرشاشة بأنواعها المتعددة! أما صاحب المتجر فملاحق جنائيا ويعاني من لوثة عقلية مذ يفاعته وليس في حياته حسن ولا إيمان ولا عقل!!
هكذا يبدو الماضي بالنسبة لليمنيين متجرا للسلام القاتل والشعب القتيل الحوثيون السلفيون الإخوان ولكل تفرعاته الأشد غيرة واستعدادا للموت!! والموت من أجل السلطة وليس مهما متى وصلوا إليها أن يكون الحاكم عبدا كرأس زبيبة أو أن تتقوس ظهور الخلق من التقرب إلى الخالق بتقبيل ــ العوام الذين هم نحن ــ حواف ابن الأكرمين¿
* هل صحيح أن الله خول أحدا قتل عباده بغير حق¿
* ولأن هؤلاء وأولئك لا يريدون الخروج من شرعية القبو تغدو مشاعات التطرف مستقبلنا الموعود بهم أو منهم. فهل من وسيلة للإفلات الجماعي الذي يجعلنا معا ــ نحن وهؤلاء ــ على قلب هدف استراتيجي ثلاثي الاضلاع.. دولة المواطنة وسيادة المعرفة وسلطة القانون..
إن كان الصراع المحتدم بين ممالك الباروت وزنابق المعرفة قد أردى الشهيد د. أحمد شرف الدين فما الذي سيقوله تلامذته ومريدو درسه اليومي المبشر بالعدالة والحرية والمساواة هل يتركون إرثه الوضاء لمارثونات الندب أم يحملون جثمانه إلى الثرى ونضاله من أجل سيادة القانون إلى الثريا¿
هل استهدف توقيعه على وثائق الحوار¿ أم عوقب على آرائه¿ أم أوقف عن دوره في عقلنة المواقف المندفعة خلف مظلوميات التاريخ¿ تختلف طرائق قوى الصراع في إدارة تبايناتها الداخلية لكنها تتفق في وضع الإشارات الحمراء أمام المغايرة الواعية غرار موقف المؤتمر الشعبي من الدكتور عبدالكريم الإرياني وموقف الحزب الاشتراكي من الأستاذ أبوبكر باذيب خلال مجريات الحوار.. فهل يظل الماضي قاحلا ورؤيتنا العدمية تختزله على إرث الاستبداد ومفاصلات السقيفة وزهو يوم حنين.
كيف تموت أميركا وإسرائيل ومعظم المتحلقين على الشعار انقطعوا عن مواصلة الدراسة في الصفوف الابتدائية وتفرغوا لقتال معاوية بل كيف نقنع جماعة دماج بأن أهم منجزاتهم خلال ما يزيد عن 40عاما إيقاظ النائم وتهيئة أسباب النزوح و”إطلاق السيوف الباترة” الذي لا يستثني أحدا من النبذ والتفسيق..¿ كيف يعقل الإخوان نتائج ممارساتهم باستمراء المتاهة وهل يدركون كلفة الدفاع المستميت عن حكومة لا نظير لها في الهزال قياسا بكل حكومات الرئيس السابق¿
بل كيف نقنع هذا الماضي وأطرافه الصراعية بأن لديهم ما يستحق الوقوف عليه والاقناع به في إطار جدلية الاتصال والتواصل بين الأفكار والأزمنة والمجتمعات.
دعونا إلى التغيير فهبت جماعات التدمير أردناه وطنا للجداول فسبقتنا المعاول ضقنا من نظام صالح فهب الإخوان وذبحوا الناقة والتهموا الثورة على رؤوس الأشهاد..
أتحدث إلى الماضي باجتراراته القسرية ومراياه المتخشبة وليس سوى الضرورة ما يدعونا للتعاطي معه بوصفه مجمل أشغال الحاضر !! أقصد الماضي القريب الذي يستعصي أن يكون تاريخا فحسب¿!
اليمنيون يستطيعون التخفف من آثام هذا الماضي حال صيرورته إلى معضلات واضحة تتطلب الحل أما حين يعاد إنتاجه على أكثر من شاكلة وإذ يفرض نفسه بقوة الأمر الواقع عبر جماعات السلاح ومراكز القوى الناعمة ومحميات الاستحواذ على مجمل الفرص الاقتصادية فإن تحرير المجتمع من أغلاله يستوجب جهدا معرفيا وإنفاقا سخيا وخيالا خصبا وعقيدة نضالية تلقف ما يأفكون.
من الهوس اعتبار التاريخ حديقة خلفية يتوسلها الكائن البشري للتخلص من فضلاته.. كما أن الافراط في الجدل حول تأثير الماضي القريب على حركة الحاضر وبالأخص من مفاصلها الدين والسياسة والاقتصاد يتطلب مشروعا ثقافيا جامعا وإلا عد الأمر اختلافا مع فلسفة الحياة إذ من فاحش القول اعتبار الماضي تهمة مطلقة ولا التاري

قد يعجبك ايضا