ارتعاشات شتائية
• عبدالعزيز المقالح
كنت في سالف الوقت
أهوى الشتاء
وأعشق فيه ضبابية اللون
سحر الغيوم التي تتمدد فوق الجبال على مهل
في زمان الطفولة
كنت إذا جاء كانون
أزرع في السطح ثلجا
من الماء
ثم ألونه وأحط عليه
زهورا
وأحمله في الغداة
إلى المدرسةú.
* * *
لم يعد للشتاء الجمال الذي كان
بل صار ذئبا
يعض الأصابع والقدمين
ويسري إلى القلب
أيامه كالحات
لياليهö عابسة
ليس فيها شعاع
ولا نجمة تؤنس الروح
في زمن كالرماد
وفي لحظة من سواد
السواد.
* * *
داكن هو وجه الشتاء
ووجه المدينةö
داكنة لغة الكائنات
رمادية هي ساعاته
لا غيوم بهö
لا سماء
ولا من نجوم معلقة
أو فضاء
لا خصوم على دربه المتجمد
لا أصدقاء.
* * *
في أول الليل
في آخر الليل
-بينهما-
يتناسل حزني
ويورق في عتمة تتجمد فيها
شرايين روحي
على شجر الصمت
يحترق الوقت
تشتوي الكلمات
على ناره الباردة.
* * *
وفي آخر الليل
حين تنام البيوت
ويصحو الفراغ
يراودني الشوق للناس
أشعر أني وحيد وحيد
وأن الوجود استوى مسرحا
للوطاويط
تعبث في كل زاوية
وتطارد في قسوة
كل أمنية شاردةú.