كلمة لوجه الله (الحلقة/1)
د/غيلان الشرجبي
لابد في البدء من افتتاح مجموعة رسائلي الاجتهادية المتتالية التي ستندرج تحت هذا العنوان إنها لاتستهدف أحدا بذاته ولا جهة بعينها فإن بدت كذلك فإنها من باب النقد الأخوي البناء لأننا أولا وأخيرا ننتمي لوطن وشعب وأمة وحدتنا إرادة السماء ولاينبغي دينيا ولا إنسانيا أن يفسد من في الأرض تلك الإرادة السماوية ومن يفعل ذلك فقد افتقد مشروعية وجوده في تعمير واستخلاف الأرض .
ونعم لقد ذهبت بي شطحات الخيال منذ أمد بعيد إلى الاعتقاد بإمكانية أن أكون قريبا من كافة ألوان الطيف السياسي والاجتماعي في هذا البلد دون التفريط بهوامش الاستقلالية الفكرية ولرسم تصور لهذه النظرة التوفيقية حددت فلسفة تقريبية تجمع بين الرؤية ( المثالية / الواقعية) فنحن نتمنى أن نرى وطننا هذا يرقى إلى مستوى ” جمهورية أفلاطون ” ونمتلك كافة شروط تحقيق ذلك ومن ينكرها فقد تنكرلقوله تعالى: “بلدة طيبة ورب غفور ” والطيبة تدل على الكرم الوفرة السخاء العطاء ومافي حكمها ولا ندري بأي منطق نتحدث عن موارد بشرية ومادية وإنتاج واستثمار ثم نتكفف مابأيدي الآخرين حتى أن الأمم المتحدة لو وضعت تصنيفا للشحاذين سنجد اليمن واليمنيين على رأس القائمة مع أنني لو خرجت إلى الشارع وبيدي براد من الشاي للبيع لعدت وقد كسبت أضعاف تكاليفه فلا يوجد نشاط بشري دون مردود مادي في ظل (دراسة الجدوى) واحترام العقل والاستفادة من التجارب العلمية ووجود نظام سياسي يستشعر بأن شرعيته رهن بمدى أدائه للدور المناط به تجاه شعبه فإذا ما اختل التوازن بين أركان الدولة الأساسية التي هي (مجتمع متجانس وأرض واضحة المعالم لها حدود غير قابلة للانتهاك وقانون ينظم العلاقات الاجتماعية رأسيا وافقيا وإدارة تقنن هذه الضوابط التي يحتكم فيها الجميع للمواطنة المتساوية ومن ثم البحث عن موارد لإشباع الحاجات وتوظيف طاقة الإنسان لتنمية هذه الموارد بعيدا عن السياسات العبثية لـ(دولة فاشلة ) لإدراكنا جميعا بأن تلك هي المواصفات الغائبة في هذا الوطن المنكوب والشعب المغلوب لذلك كان لابد من تخفيض سقف التوقعات – أو على الأقل ذلك مااستوحيته عن قلمي هذا الذي أدمن الكتابة فراح يبرر لي استمرارية الكتابة استنادا لمرجعية ( ثوابت الإجماع الوطني ) وإجراء مفاضلة بين الأطياف السائدة لتعزيز موقف الأقرب–ولو نسبيا – من تلك القواسم المشتركة لأجد نفسي في الأخير ( أصارع طواحين الهواء) فأين هي الثوابت لنظام تعددي لانرى منه إلا أن ” كلا يزكي نفسه “بينما على أرض الواقع كل شيء مصاب بالركود فأروني أين الأمن والعدل والحلول الاقتصادية والتربوية وتوفير الخدمات¿¿¿ بينما الصمت هو سيد الموقف أتدرون لماذا ¿ لأن ( هالة الذات ) تغطي على الإرادة العاقلة ليصبح خلاصة خطاب كل من (الشركاء المتشاكسين) ” أنا خير منه ” دون حتى أن نسأل أنفسنا ماهي معيارية الخيرية ¿¿
وللنمذجة فحسب فقد ودع العالم بأسره بالأمس القريب مناضلا تاريخيا هو( نيلسون مانديلا) ليس لأن شخصيته خارقة للطبيعة البشرية بقدر ما رفع شعار ( لا نريد أن نكون خيرا من الآخرين وكل مانريد هو أن لايوجد سادة وعبيد) وبعد ثلاثين عاما في السجون لم يخرج منتقما ولا حاقدا بل للوفاء بوعده في (مناهضة التمييز العنصري) وإقامة نظام يتساوى فيه المواطنون في الحقوق والواجبات ويحتكمون لمعايير موضوعية لامجال فيها لإلغاء الآخر ولا للاستحواذ على السلطة واحتكار النفوذ لصالح فئة دون أخرى.
فهل نحلم أن يرقى أقطاب هذا الوطن إلى مستوى تجسيد هذا الطموح الإنساني الذي نستحضر معه مقولة الفاروق عمر ” متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ” ¿¿ نأمل ذلك.. وإلى هؤلاء جميعا نقول :-
(نعم) لقد أحببت قيصر*
لكنني أحببت قول الحق أكثر
فليعذروننا إن تحول صراخنا إلى غصة وأمسكت أيدينا المرتعشة بأقلامنا المغامرة لنشير من بعيد إلى المخاطر التي تتهدد الجميع … ليس لأننا ضد أي منهم وإنما لخوفنا على أنفسنا وعليهم وإن لم يخافوا في دنياهم لأن لديهم من القوة والثروة مايحميهم فليتذكروا ” يوم لاينفع مال ولابنون إلا من أتى الله بقلب سليم “.