تلوث المياه الغائب عن الأذهان
محمد العريقي

خطوة جيدة أن يكون هناك تنسيق وتواصل بين قطاع المياه والسلطة القضائية , لأن المؤمل في القضاء هو مواجهة الجرائم التي ترتكب في حق الثروة المائية , فمؤخرا قرأنا خبرا مقتضبا مفاده أن الهيئة العامة للموارد المائية نظمت أواخر ديسمبر الماضي دورة تدريبية خاصة لمأموري الضبط القضائي في اليمن حول حماية المياه وتطبيق القانون ضد مرتكبي الجرائم المائية , بمشاركة 60 شخصا من مأموري الضبط القضائي ومدراء فروع الهيئة العامة للموارد المائية , – وغياب المهتمين الإعلاميين بهذا الشأن- .
غير أنه يلاحظ في مثل هذه الفعاليات هو التركيز على موضوع الحفر العشوائي وأن اليمن على شفير كارثة نتيجة استنزاف المياه الجوفية , وأنا هنا لا أقلل من هذه الحقيقة , ولكن دائما ما نغفل حقيقة أخرى وهي أن الكثير من المياه المتاحة معرضة للتلوث, وتصبح غير ذات جدوى.
والتشريعات والقوانين الصادرة لم تكن فقط موجهة لحماية المورد الجوفي, وإنما أيضا تضمنت حماية المياه وخاصة مياه الشرب من التلوث, وجدير بنا أن نتناولها ونطرحها باستمرار خاصة أمام المعنيين بتطبيق وتنفيذ قانون المياه رقم (33) لعام 2002م , وهذا لم أجده في الكلمات التي ألقيت في تلك الدورة .
وأعتقد أن الكثير من كبار المسؤولين بقطاع المياه لم يقروا قانون المياه, وكل ما نسمعه منهم كلاما مكررا ومتداولا من قبل أبسط الناس , ومع ذلك نذكر هنا , أن الدستور ومختلف القوانيين البيئية والمائية قد تطرقت للتلوث .
وتصدرت قضايا البيئة أهم المصادر التشريعية في البلاد وأبرزها الدستور التي تضمنت التعديلات الدستورية التي حصلت على موافقة المواطنين في الاستفتاء العام بتاريخ 20 فبراير 2001م نصا يقضي بأن حماية البيئة مسؤولية الدولة والمجتمع وأنها واجب ديني ووطني على كل شخص وهو أول نص يتحدث عن البيئة في دستور يمني.
كما أن قضية البيئة كانت محورا في تشريعات عديدة صدرت قبل ذلك وتزيد عن 13 قانونا وقرارا جمهوريا بقانون صدرت خلال الفترة 1990- 2000 م ومنها القانون رقم 26 لسنة 1995 بشأن حماية البيئة ويعنى هذا القانون بحماية المجال الحيوي لأشكال الحياة المختلفة في اليمن ومكافحة التلوث وحماية البيئة والمواد الطبيعية في البر والبحر.
وأصدر مجلس الوزراء القرار رقم (253) لعام 1999م بشأن الموافقة على المواصفات القياسية اليمنية وأوكل المهمات ذات العلاقة بنوعية المياه والتلوث إلى الجهات المعنية.
وأخيرا توجت الجهود التشريعية المتعلقة بالموارد المائية وتنميتها وحمايتها من التلوث بقانون المياه رقم(33) لعام 2002م وتعديلاته , فقد أفرد القانون حيزا من مواده لمواجهة التلوث , وخاصة في بابه السادس المعنون بـ (الحفاظ على المياه وحمايتها من التلوث) فتضمنت المادة (46) المعايير والمواصفات الفنية العامة.
واوردت المادة (47) مايلي : مع مراعاة المادة (54) من هذا القانون تقوم الجهات المختصة وبالتنسيق مع الهيئة بإصدار تراخيص التخلص من المخلفات والمياه العادمة والزيوت وتحديد مواقع وأساليب التخلص منها وإقامة منشآتها وإعادة استخدام المياه العادمة المعالجة بالشروط والمعايير والمواصفات المقرة وبناء شبكات الصرف الصحي وإقامة محطات تحلية المياه وبما يتفق مع القوانين ذات الصلة.
وهناك جهود ودراسات سابقة , حول ظواهر التلوث, وأسبابه وخطورته , كما تم وضع مواصفات مياه الشرب بعد الرجوع إلى دليل منظمة الصحة العالمية لنوعية مياه الشرب على ذلك وضع مواصفات خاصة تنسجم مع الوضع المحلي اليمني.
إن الدراسات التي أجريت حول أسباب ومظاهر التلوث توصي وتؤكد على أهمية الحفاظ على مواردنا المائية من التلوث من خلال الإجراءات التالية :
• منع إقامة منشآت صناعية أو تجارية في مناطق تغذية الأحواض المائية الجوفية.
• منع إقامة أي مقلب قمامة فوق أحواض المياه الجوفية.
• منع إلقاء أي مخلفات خطرة سواء كانت سائلة أو مدخلات زراعية أو ما شابه ذلك إلى مقالب القمامة أو إلى شبكة الصرف الصحي أو مجاري الأودية بدون معالجة أولية.
• التوسع في شبكة الصرف الصحي في المناطق الحضرية.
• زيادة كفاءة محطات معالجة مياه الصرف الصحي.
• منع إقامة أي محطة معالجة للمياه العادمة داخل النطاق الداخلي لأحواض المياه الجوفية من أجل حماية المياه العذبة من التلوث ودرء المخاطر التي قد تلحق بالصحة العامة.
• ضرورة إنشاء آبار مراقبة بالقرب من محطات المعالجة لرصد نوعية المياه الجوفية ومعرفة مدى تأثرها بتلك المحطات وفقا لازدياد الفترة الزمنية.
