مجزرة العرضي ماذا عنها¿!
عصام المطري
> الناس جميعهم وعلى تباين دياناتهم ومشاربهم السياسية والثقافية والفكرية يمقتون العنف والارهاب ويدينون بحزم مختلف أشكاله وصوره القبيحة ذلك لأن الارهاب سلاح العاجز المفلس غير القادر على التعامل والتعاطي مع الراهن وواقع الحال فضلا عن كونه ينم عن عقليات متحجرة ترعاه وتتعهده بشتى سبل ووسائل الدعم المادي والمعنوي وهو مغالاة في استخدام القوة وإفراط في تكريس العنف والتخلف والدمار.
إن العملية الارهابية التي طالت مجمع وزارة الدفاع ومستشفى العرضي في الخامس من ديسمبر 2013م تكشف عن الدوافع التي دفعت بتنظيم القاعدة إلى تنفيذ هذه المجزرة النكراء التي يتبرأ منها شعبنا اليمني العظيم حيث اعترف تنظيم القاعدة بأنه وراء هذه العملية الارهابية البشعة واعتذر بدم بارد لضحايا هجوم العرضي من المدنيين وأكد تحمله مسؤولية ما حدث في المستشفى من دفع الديات من تعويضات وعلاج للضحايا وذويهم مبديا هذا الصنيع بأنه قصد مجمع وزارة الدفاع كونه يحوي على غرف للتحكم بطائرات دون طيار الأمريكية واللاتي أقضت مضاجعهم فمهما كانت المبررات فإن ذلك لا يدفع إلى ارتكاب مجزرة في حق الجنود والمدنيين الضحايا الأبرياء فالحادث الإرهابي عمل قذر وجبان.
ولعل سقوط «56» قتيلا على الأقل إضافة إلى نحو «200» جريح يجعلنا أمام مسؤولية عظمى أمام الله عز وجل لا يخرج عنها مسؤولو الأمن والقوات المسلحة إضافة إلى أفراد الشعب اليمني العظيم ذلك لأننا مسؤولون عن تفشي مثل هذه الآفة المدوية في الوطن اليمني وطن الايمان والحكمة والفقه كما أن مسؤولي أجهزة الدولة الأمنية والعسكرية مسؤولون أمام الله عز وجل عن إخفاقهم في تحمل المسؤولية قال تعالى «وقفوهم إنهم مسؤولون» إذ يجب بناء سياج قوي وعازل عظيم بين الأمن وأجهزة المخابرات وبين قوى الارهاب والعنف التي تخترق صفوف القوات المسلحة والأمن وأجهزة المخابرات وهذا مدعاة إلى إعادة بناء مثل هكذا أجهزة وتأسيسها على الولاء لله عز وجل والانتماء للدين الإسلامي الحنيف ثم على أساس الولاء المطلق للوطن المعطاء بعيدا عن الدوران في ولاءات ضيقة كالولاءات للأشخاص أو لمغريات المال وكيفية الحصول عليه ما يدفع إلى تطهير تلك الأجهزة من المدسوسين العابثين.
إن المشهد السياسي القاتم يضعنا أمام خيارات عديدة صوب استلهام الاستبصار السياسي الذي يعطي قيمة فعالة لتوحيد الجبهة الداخلية وتجسيد حقيقة الاصطفاف والتلاحم الوطني في مواجهة العنف والإرهاب بشتى أشكاله وصوره المتعددة والمتنوعة وهو ما يفرض تغليب المصلحة الوطنية العليا للبلاد وإشعال فتيل ثورة حقيقية للتقارب ولتطابق وجهات النظر في الخندق الوطني لمواجهة أعداء الوطن اليمني الواحد الموحد الذين يجدون في العنف والإرهاب ضالتهم لتحقيق مكاسب ومنجزات ضيقة وهلامية تغلب المصلحة الثانية وتؤله الأنا وتبحث في الكشاكيل والدفاتر القديمة عن مبررات تعبيد الناس.
إننا أمام مواجهة كارثة حقيقية هي كارثة الإرهاب والعنف المسلح فلقد دق ناقوس الخطر وكشرت الثعالب عن أنيابها من خلال مجزرة العرضي التي يجب أن تكون بارقة أمل صوب تحقيق عافية الاصطفاف بتذكر حجم الوطن فبدلا من أن نندب حظنا ونضع كفوفنا فوق خدودنا يجب علينا أن ننظر إلى الجانب المشرق للمصيبة فلربما تأتي هذه المجزرة على دق آخر مسمار في نعش تنظيم القاعدة في البلاد الذي طال بعملياته الإرهابية الغادرة الجبانة كوكبة من أفضل رجالات المخابرات اليمنية ومن أفضل رجالات القوات المسلحة والأمن .. المهم علينا أن نوظف جل الإمكانات المادية والمعنوية صوب تحويل الخسائر إلى أرباح عن طريق جعل القضاء على العنف والإرهاب الذي يصدره تنظيم القاعدة هدفنا الأول والوحيد حيث يجب أن تتنازل مكونات وقوى الفعل السياسي في البلاد لبعضها البعض من أجل القضاء على عدوها اللدود المتمثل بالإرهاب والعنف ومن يتمثله بغية الخروج من النفق المظلم وحمامات الدماء وصوب إرساء دولة النظام والقانون والأمن والتنمية والحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية في سبيل استنهاض الهمم ومغالبة أقدار الله عز وجل بأقداره سبحانه وتعالى وإلى لقاء يتجدد بكم والله المستعان على ما يصفون.