قوى الشر وإحساسها بالزمن!!
فتحي الشرماني


يبدو اليوم كأن قوى الشر في صراع نفسي مرير مع الزمن .. كأنها تشعر بوطأة الزمن المتسارع وهي تشاهد اليمنيين يسير بهم موكب الحياة يحدوهم الأمل على الرغم من كل المنغصات والمعوقات والآلام.
القترة الزمنية الأخيرة من 2013م المنصرم كانت, أكثر من غيرها, ثقيلة على اليمنيين وهم يعيشون على وقع مآس كبيرة وأحداث دامية ذهب ضحيتها عشرات الأبرياء, عسكريين ومدنيين, استهدفتهم آلة القتل التي لم تكل ولم تمل من صناعة الموت يوميا في وطن يتشبث بالحياة كقلعة أخيرة بعد أن سلبت قوى الشر حقه في الكهرباء, وحقه في انتظام تصدير النفط لإنهاض الاقتصاد, بل وحقه في أن يرجع المواطن إلى منزله سليما من حادثة انفجار عبوة ناسفة أو سيارة مفخخة أو إطلاق رصاصة الموت من على دراجة نارية.
طيلة عام كامل رأينا كيف أن هواة القتل وصلوا إلى أعلى درجة من التوحش واللاإنسانية بتلك السادية المفرطة التي جعلتهم يريقون أنهارا من الدماء بدم بارد .. ليدخلوا الحزن والألم إلى بيوت كثيرة كتب عليها أن تكتوي بنار اعتاد مشعلوها أن يعطوا كل محافظة يمنية نصيبا وافرا من الخوف والأحزان والشعور بالضياع ثم اختاروا أن يختتموا عام 2013م بجرعة مروعة من الموت الأسود في حادثة مجمع وزارة الدفاع التي ذهب ضحيتها 52 قتيلا وعشرات الجرحى .. وما انفك العام يكمل لحظاته الأخيرة حتى وجدنا صناع الموت يقدمون على استهداف خيمة عزاء في محافظة الضالع سقط فيه عشرات القتلى والجرحى, وصولا إلى سلسلة تفجيرات استهدفت مؤسسات الدولة في محافظة عدن في آخر ليلة من ليالي عام 2013م, ليمضي هذا العام راحلا بكل معنى الإنسانية كان باقيا لدى هؤلاء القتلة ومصاصي الدماء.
هكذا هي طبيعة إحساس عناصر الإجرام بالزمن لأنهم يدركون في قرارة أنفسهم أن اليمنيين على مقربة من النجاح في التأسيس للمستقبل المأمول الذي حلم ولا يزال يحلم به هذا الشعب الصابر والصامد, ولذلك فلم يكن أمام المستذئبين وسفاحي الدماء إلا أن يحاولوا إعاقة الوطن وكل قواه الخيرة دون الوصول إلى ذلك بكل ما أوتوا من قوة وبأبشع الطرق والأساليب.
ظهر أولئك القتلة الذين رصدتهم كاميرا مستشفى العرضي ليسوا أكثر من ماكينات توزع القتل على كل من تلاقيه وكأننا أمام مشهد سينمائي هوليودي يعرض لأول مرة .. فالقاتل يمارس قتل أناس عزل بكل برود ويجهز على الجريح بكل برود, في مشاهد أدمت قلوب اليمنيين وأججت مشاعرهم ولا يزالون يرفضون أن تمر هذه الجريمة البشعة مرور الكرام .. وفي الضالع كانت بشاعة القتلة قد وصلت ذروتها أيضا بتلك الوحشية الرهيبة التي جعلتهم يقدمون على قتل الناس في خيمة عزاء.
هي في حقيقة الأمر مشاهد إجرامية فظيعة لم يعرفها اليمنيون من قبل, وعلى أعلى درجة من الدموية والفاشية, لكن الحقيقة تقول أيضا: إن القتلة والإرهابيين يتعامون عن الإقرار بحقيقة أن الأوطان خلقت لتنمو وتتعمر وتنعم بالحياة وإن كثر حولها من يكيد لها أو يسرف في القتل والتدمير .. فما كان لأية قوة في الأرض أن تقف دون أن إرادة الشعب المستمدة من إرادة الله.. وماذا عساه أن يصنع كل من أراد الإمساك بالزمن وإسكات صوت الحياة بتفجير مبنى أو تلغيم سيارة أو إطلاق رصاصة من على دراجة نارية لقتل إنسان.
وإذن, فما نوع الإنجاز الذي يمكن أن تقدمه قوى الشر في حصاد عام كامل من إشاعة القتل بوحشية منقطعة النظير¿ بل وما الذي سيستطيعون تقديمه من الإنجازات بعد كل هذا وقد رأوا صمود الشعب وإصراره على بلوغ كل الأهداف المرسومة, إلى جانب حرصه على تجفيف منابع الإرهاب واقتلاعه من جذوره لأنه سرطان خبيث يضمر العداء لشريعة الإسلام السمحة أولا, ويهدف إلى إضعاف بلدان الإسلام وجعلها ترزح دائما تحت نير الفوضى والدمار والخراب ثانيا.
عام مضى وقبله أعوام مضت وما حصدت قوى الشر غير الخيبة واليأس من أن تبلغ أهدافها العدائية لله والإسلام والأوطان .. فهل لها أن ترجع إلى حظيرة الصواب وجادة الحق¿!, إذ لا يحق لنا أن نغلق دونهم باب التوبة مهما كانت قلوب اليمنيين تضطرم بنيران الوعيد لهم مما يفعلون.
fathi9595@gmail.com
