أبواق الشقاق

صولان صالح الصولاني

 - كمواطن عربي حر غير متحزöب سياسيا وغير متعصöب مذهبيا أو طائفيا أو مناطقيا أو سلاليا أو.... إلخ أكثر ما يلفت انتباهك وأنت تشاهد بعض القنوات الإخبارية المحلية والعربية وما يدور في فلكها هذه الأيام هو ذلك التسابق والتنافس المحموم في ما بينها على شحن الأجواء وتوتير الخلافات والنفخ في الكير
كمواطن عربي حر غير متحزöب سياسيا وغير متعصöب مذهبيا أو طائفيا أو مناطقيا أو سلاليا أو…. إلخ أكثر ما يلفت انتباهك وأنت تشاهد بعض القنوات الإخبارية المحلية والعربية وما يدور في فلكها هذه الأيام هو ذلك التسابق والتنافس المحموم في ما بينها على شحن الأجواء وتوتير الخلافات والنفخ في الكير والذي يظهر جليا أمام الملأ من المتابعين والمشاهدين لها عبر شاشات بثها التلفزيوني في خضم تغطيتها ومواكبتها للأحداث والتطورات السلبية المتسارعة التي باتت تشهدها منطقتنا العربية دون منازع كما لو أن «عبدالله بن أبي» كبير المنافقين ومضرب الأمثال في من يمارس قول النفاق حتى عصرنا هذا عاد ليطل برأسه من جديد ولكن هذه المرة على شكل وهيئة أبواق وقنوات تلفزيونية إخبارية تنخر في نسيج ووحدة أبناء الأمة العربية والإسلامية وتقتل فيهم كل روابط المحبة والألفة والإخاء والدين والنسب وتدفع بهم دائما نحو الاختلاف والفرقة والشقاق والتناحر في ما بينهم على أبسط الأشياء وأتفهها وهي في ذلك تؤدي بنظر متابعيها ومشاهديها الكرام دورها الإعلامي الحيوي على أكمل وجه بمصداقية ومهنية عالية الدقة لا تواريها الشكوك.
أما إذا بحثت وتأملت في أبسط مثال يدل على تجسيد هذه القناة أو تلك لمصداقيتها -المراد بها باطل- أمام المشاهد العربي البسيط وفي أنصع صورها فستجده ماثلا للعيان خلال متابعتك ومشاهدتك للقناة بكل بساطة كأن يتحدث مذيعها المتحذلق لأحد متحاورين اثنين ينتميان لطرفين متخاصمين ويجلسان عن يمينه وعن شماله باستديو القناة كضيفي حلقة حوار ونقاش تبث على الهواء مباشرة وبالحرف الواحد يقول له «يا سيدي هم يقولون بأنكم تقتلون وتقطعون وتنهبون وأنتم السبب وراء كذا وكذا» والمقصود بالضمير «هم» الطرف الخصم الذي يوجد من يمثله بنفس الحلقة منتظرا لدوره حتى يأذن له المذيع بالحديث على أحر من الجمر والكلام الذي يطلقه المذيع -طبعا- لم يقله جزافا من عنده كما لم ينسبه أيضا لأحد غير قائله بقدر ما أنه جاء نقلا لما ورد على لسان أحد الموتورين والمتشددين المحسوبين على الطرف الآخر .. وحرصا من القائمين على القناة للحفاظ على مصداقيتها في الطرح أمام مشاهديها الكرام تجد الكلام المنقول وقد سبق نقله وبثه للمشاهدين عبر الشاشة قبل بدء الحلقة النقاشية كمستهل ومقدمة لها ضمن تقرير إخباري معد لذلك مسبقا حيث يظهر قائله بالدليل القاطع أثناء قراءة التقرير عبر شاشة القناة في مقاطع فيديو بشحمه ولحمه بإحدى المناسبات الدينية أو الوطنية التي تحولت وتبدلت بقدرة قادر في عصرنا الراهن من أفراح إلى أحزان وهو يردد كلامه ذاك على مرأى ومسمع في لحظة تحمس واندفاع شديدين ويظهر إلى جانبه في الصورة مجموعة من الأنصار والمؤيدين لنفس التوجه والانتماء ويطلق أثناء ذلك سيلا من الاتهامات التي ما أنزل الله بها من سلطان ضد الطرف «الخصم» وأنصاره المنتمين إليه وكأن شيئا لم يكن غير مدرك بأن هناك في الجوار ما يوازي عدد «عفاريت وشياطين الجن» من مراسلي ومخبري قنوات الأخبار المحلية والعربية الذين يتصيدون الأخطاء ويسترقون السمع بلمح البصر وينقلونه لقنواتهم التي يعملون لصالحها بالصوت والصورة عبر كاميراتهم «الشهباء» والتي لا تتردد عن بثه والاحتفاظ به مسجلا وموثقا لديها «أي القناة» كإرث تستعين به عند وقت الحاجة لبثه مستقبلا متى ما تطلب الأمر ذلك.
ولكم أن تتصوروا أعزائي القراء ماذا ستكون ردة فعل ضيف الحوار والنقاش في الحلقة على سيل اتهامات تم إطلاقها جزافا ضد الطرف المنتمي إليه بعد سماعه لها تتكرر على مسمعه دفعتين متواليتين في ظرف خمس دقائق على لسان صاحبها في تسجيل صوتي وعلى لسان مذيع القناة.

قد يعجبك ايضا