أطفالنا وشروط الاهتمام بالمستقبل
حسن أحمد اللوزي
لا بد أن تكون نظرتنا للمستقبل أضعاف نظرتنا للماضي وأن يتركز اهتمامنا ببناء الحاضر كي نستطيع أن نصله بإنجازات جديدة في المستقبل وإن كان هذا الحاضر اليوم غارقا في الاحتمالات الصعبة على المدى القصير ولكن المدى الوطني على اعتباره إيجابيا واعدا بالتفتح على نسق الإيقاعات التي صارت تنتظم حياة الإنسانية من حولنا مازال رهينة النتيجة المتوقعة في إخلاص وصدق التوجهات بالنسبة لمؤتمر الحوار الوطني الشامل والنتائج التي سوف يثمرها بإذن الله مهما كانت التحديات المحيطة به فقد عرف الجميع ما هو السبيل الأوضح و الطريق الأرشد لصنع التغيير والتطور المنشود ليمن جديد قولا وفعلا قيما وفكرا وعملا وتطبيقا
نعم إننا نستطيع أن نصنع التغيير الذي ننشده كاملا في حاضرنا لنقدم للأجيال القادمة حاضرا يتاح لهم فيه أن ينجزوا ما عجزنا عنه بكل حرفية واقتدار وان يبدعوا ما هو أروع وأحسن ولكنهم لن يبدأوا من نقطة الصفر!!
وحقيقة فإن هذه المقدمة التي تداعت مع نفسها إنما أردتها للوقوف أمام موضوع استراتيجي بالنسبة للمستقبل ومسؤوليتنا في الحاضر تجاه ضمانة الوصول الآمن إليه وهو موضوع الاهتمام برعاية الطفولة والسهر على بناء النشء الجديد وهل يتحقق ذلك بمجرد الاحتفال سنويا باليوم العالمي للأطفال أو وضع استراتيجية وطنية دقيقة للأطفال والاهتمام برعايتهم واحترام حقوقهم والالتزام بها قولا وعملا وإصدار التشريعات العصرية الخاصة بذلك كله ! وإقامة الأنشطة التي نقلد فيها الآخرين من واقع حياتهم المتقدمة و المغايرة للواقع في بلادنا والذي تكتنفه الصعوبات والمعوقات بل والعقبات الكأداء التي تعطل كل خطوات التنفيذ نقول ذلك على أهميتها الكبيرة كنوع من التربية والتدريب على مقارعة ومقاربة الأمور الكبيرة إذا صح التعبير.
والأخطر في مسألة التربية هو صعوبة اختبار جدوى ثمارها المباشرة على الواقع اليومي المعيش والذي يعاني فيه الأطفال المرارات بل والويلات لدى الأسر المعدمة والفقيرة وبسبب عدم توفر المتطلبات الأساسية والخدمات الضرورية فضلا عن حمايتهم في مواجهة ما يهددهم داخل تلك الأسر وفي المجتمع الذي تعتصره التحديات الاقتصادية والأمنية والاجتماعية وأخطرها تهريب الأطفال والإتجار بهم أو تشغيلهم في ما يشبه السخرة وتزويج القاصرين للأسف الشديد!!
ومع ذلك لابد من ترديد الكلام بأن الأطفال هم وعد حياتنا التي نريدها يانعة بأجمل وأروع ما نرجوه لهم ونسعى له من أجلهم من الخير والنعيم بجميع حقوقهم تنشئة وتربية وصحة وعافية وتعليما وبناء لملكاتهم وقدراتهم واستثمار نبوغهم في كافة المجالات في كنف الأسرة المستقرة إلى حد ما في ظلال التشرب والتمثل للقيم والمثل العقيدية الصحيحة والارتباط بالصفات السلوكية السوية النابعة من المكارم الأخلاقية الحميدة المرتكزة على الصدق والحرص على أداء الواجبات والقيام بكل الطاعات والإخلاص في أدائها وإتقانها حتى يترسخ في ضميرهم ووجدانهم الإيمان الصافي ويتثبت في معرفتهم معنى السلوك القويم وفي المقدمة التمثل الواضح لمشاعر الإخاء والمحبة والمساواة والتعاون ونكرانهم الذات بصورة فطرية وتلقائية لتظل جزءا من بنية الشخصية لدى الطفل والطفلة على حد سواء وفي كل المراحل العمرية صغارا ومميزين ومراهقين وراشدين وبكل ما يساير تنامي الوعي لديهم والنطاق الذي يجب إتاحة الحرية لتصرفاتهم والتمتع بتحمل المسؤولية الفردية من وقت مبكر وهو ما صار معروفا بداهة بفضل العلوم التربوية والنفسية وفهم مدارج تكوين الشخصية السوية.
إن مثل هؤلاء الأطفال في مثل ذلكم المنهاج التربوي والتعليمي هم الذين سوف يواجهون في غدهم القريب ما تبقى من إرث التخلف وكل ما يتعارض مع ولائهم الوطني ويتجافى مع الميزان الذي تربوا عليه من الإخاء والمحبة والمساواة وسوف يكونون محررين من العقد الماضية ومطهرين من الأحقاد التي أخذت تصبغ الحياة على غفلة من الجهل والغلو والتزمت والتعصب.
إنهم الجيل المستقبلي الجديد الذي سوف يملأ الحياة في بلادنا بعطاءات الخير والبر والإبداع والإنتاج وبصدق تحمل المسؤولية في كل مواقعها في الدولة وداخل المجتمع الحر المنتج والمقتدر ولا شك بأن البداية الصحيحة تؤدي إلى النتيجة المثمرة والسليمة والله من وراء القصد!!
تسليع الانسان
كن ما شئت
وتقدم في خط الآفاق الحرة
وفق بيان الصيرورة
كن ذهبا ان شئت ولا ترخص نفسك أبدا
للمعدن أيا كان ثمن
ما يرفع سعر المعدن شأن في السوق