صياغة الدستور استشراف للمستقبل وليس إقرارا بالواقع

د. امين محيي الدين

 - يعتبر الدستور عقدا اجتماعيا يتضمن هوية الدولة السياسية والاقتصادية والحقوق الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للمواطنين ويحدد سلطات الدولة التشريعية والتنفيذ
د. امين محيي الدين –

يعتبر الدستور عقدا اجتماعيا يتضمن هوية الدولة السياسية والاقتصادية والحقوق الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للمواطنين ويحدد سلطات الدولة التشريعية والتنفيذية والسلطة القضائية وشكل الحكم المحلي من حيث اختصاصاته وواجباته وموارده . وتتضمن دساتير الموجة الرابعة بابا عن الهيئات المستقلة للدولة مثل اللجنة العليا للانتخابات والبنك المركزي والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وهيئة مكافحة الفساد…..إن صياغة الدستور تتم في ضوء وجهتي نظر … الأولى وهي تنظر إلى الواقع وما تتحكم به من متغيرات سياسية واجتماعية واقتصادية وقوانين سائدة ثم يحاول صائغو الدستور التعامل مع هذه المتغيرات وترجمة ذلك في شكل نصوص دستورية جديدة قد تحدث أولا نقلة في أداء سلطات الدول أوفي مجال الحقوق والحريات…. أما وجهة النظر الثانية فهي تستلهم المتغيرات السابقة ثم تنظر إلى المدى الذي ترغب أن تنقل المجتمع والدولة إلى المستقبل معتمدة في ذلك على تجربة الدولة الدستورية والتجارب الحديثة للدول في صياغة الدساتير ومنظومة القيم والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية التي أقرتها التشريعات الدولية . ولهذا نجد أن هناك ما يمكن أن نطلق عليه بالدساتير التقريرية والتي ترى أن وظيفة الدستور هو وضح حدود للفصل بين السلطات لمنع حدوث تداخل بينها ولضمان الرقابة على هذه الاختصاصات ولكنها لاتهتم بالكيفية التي تؤدي بها هذه الاختصاصات ثم يأتي تاليا الإقرار بمنظومة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المعتادة كمنحة من السلطة إلى المواطنين …. وهناك من الدساتير ما تسمي بالدساتير الاستشرافية التي تصيغ النصوص الدستورية بخيال واسع وإدراك عميق لحجات المجتمع لنصوص تتسم بالحركية والتطلع إلى المستقبل .. يكون من نتائجها تفجير طاقات المجتمع الكامنة كافراد ومؤسسات وسلطات وقطاع خاص للعمل والإنتاج والإبداع في شتي المجالات .. أن الدساتير الاستشرافية تعتبر دساتير ملهمة لأنها تضع أسس التنظيم السياسي والاقتصادي والاجتماعي للدولة في ظل حرية واسعة للأفراد تسمح لهم بالعمل والتنقل والتملك والتصرف في الممتلكات والتعبير عن الرأي والمشاركة في الحياة السياسية ومنظمات المجتمع المدني دون خوف من عقاب أو لوم أو عوائق مباشر أو غير مباشر من سلطات الدولة … إن الدساتير الاستشرافية ترى أن وظيفة الدستور هي الربط الموضوعي بين الديموقراطية المنشودة وضمان الحقوق والحريات التي تعتبر أساس تحقيق التنمية في معناها الشامل واعتبار الفصل بين السلطات منتجا ثانويا للدستور . ومن هنا تأتي أهمية الاهتمام بكل من أولا جودة المنتج الدستوري من حيث الشكل حيث لاينبغى الاكتفاء بالتبويبات التي اتصفت بها الدساتير السابقة والمحتوى حيث ينبغي الدخول في موضوعات جديدة أفرزتها التطورات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المحلية والدولية وكذلك التفصيل لموضوعات سابقة ولاحقه وثانيا تحديد مواصفات جودة الدستور بوصفه عاملا مؤثرا في حركة الأفراد والمؤسسات والاستثمارات التي تزيد من القدرات المؤسسية للدولة والبشرية وكذلك القدرات الإنتاجية والتنافسية للاقتصاد.. .
• أستاذ الاقتصاد كلية التجارة والاقتصاد – جامعة صنعاء

قد يعجبك ايضا