أعياد العرب 2013 م
خالد الصعفاني
خالد الصعفاني –
khalidjet@gmail.com
.. في نسخة هذا العام من عيد الأضحى كان العرب كالعادة مشهد الفرجة الذي يبعث على البكاء أو على الضحك أو عليهما معا.. ورغم التشابك في سيناريو ما يجري فإن أحدا لا يريد الاقتناع بأننا العرب فاشلون تماما في تسوية خلافاتنا من منطلق أننا لم نعد نمتلك من قيم العربي القديم إلا نفخة الريش والصوت الأعلى والحقد على طريقة أجمل الذي لا يغفر لغيره زلاتهم أو إساءاتهم ..!
في سوريا حرب شاملة تأكل الأخضر السوري واليابس ومعظم وقودها وزيتها يأتي من الخارج أما ضحاياها بامتياز فسوريا البلد الشقيق ..
وفي مصر الغليان مستمر بعد أن قرر المتخاصمون العسكر والإخوان المسلمون البقاء على طرفي خندق المواجهة وكل يرمي الوزر على الآخر في حين أنهما معا هزا استقرار مصر وجعلاها تغلي غليان الماء غير المحوج استعدادا للشاي أو القهوة وسينتهي به المطاف بخار ماء لا أكثر ولا أقل ..!
وفي فلسطين حمل العيد أنشطة إسرائيلية للتوسع ولاقتطاع القليل مما بقي لأهل الأرض في الضفة.. وبينما يعيش القطاع حصار الموت البطيء من الأشقاء والأعداء على حد سواء يبقى الشقاق بين سياسيي القطاع وسياسيي الضفة مناسبة لتحريك صراع خفي وتوسيع شقاق بينهما وكأنها حرب باردة بين دولتين لكل منهما سيادة وليس بين قطعتي أرض استرد من الغصب الإسرائيلي بالقوة وبمفاوضات استمرت عقدين سرا وعلنا ..
في ليبيا كان العيد (حامي) وزادت حوادث الاختطاف والمواجهات المسلحة من حرارة عيد الأضحى وها هم الليبيون يبحثون عن المخرج ويسألون عن ” بكرة ” متى يأتي ليبيا خالصا وآمنا ..!
أما العراق فلا تشكل الأعياد بالنسبة إليه إلا مناسبة لمضاعفة حوادث العنف وتزايد حالات التفجيرات ولا يهم أسواق أو مساجد أو ميادين ويبدو الأهم فيها انفجار يزهق أرواح العشرات وقت التجمع أو الصلاة قبل أو بعد أو أثناء..
كما لم تغمض تونس عينيها على عيد أضحى مستقر وإن كان يشكل الحالة الأفضل بين مواجهات ما بعد الربيع العربي غير البديع.. عراك سياسي وحشد مستمر بين الأضداد في الحكومة والمعارضة في بلد أطلق شرارة الربيع العربي وبدأ عجلة الحركة نحو التغيير الذي لم تظهر بشائره أو ثماره حتى الآن ..
أما في اليمن فكان العيد عيدا للعافية بالفعل.. هموم يمني يبحث منذ قرن عن ذاته بين أكوام المتمصلحين باسم الدين وباسم الديمقراطية وباسم العدالة.. ولو صدق أي طرف منهم مع تلك المعاني أو حتى مع واحد منها لكفانا ولأصبح واقع اليمن غير .. هنا أمة تبحث عن استقرار في لقمة العيش الكريمة وفي حياة مستقرة تكون فيها كلمة واحدة عالية النبرة تملكها الدولة ولا ينازعها على ذلك الحق غيرها.. هموم بسيطة تتصل بالخدمات وحق الحياة الكريمة وهي تتجاوز في أهميتها لدى رجل الشارع أهمية ما يتندر به السياسيون والمتحاورون والراكضون للظهور أمام عدسات الإعلام اليمني المتعارك مع نفسه ومع رسالته ومع مبادئه ..!
وهذا لا يعني فشل التغيير في بلدان الربيع العربي لكنه لا يعني النجاح والأمر يستحق أكثر من مجرد إطلاق رأي لن يحمل المنطق ولن يحتوي الحقيقة .. يجري هذا في حين تضخ بلدان عربية معروفة المال والعتاد بطرق مختلفة لمواجهات سوريا والعراق وليبيا ومصر واليمن.. هذا الصراع المحوري في تاريخ الشعوب العربية لم يساعد العرب على الحلم العربي فقد زاد الشقاق أكثر من ذي قبل كما لم يساعد على تحقيق الحلم الذاتي باعتبار الأمر يحتاج عملا كبيرا وإثباتات حقيقية على أننا بالفعل نملك مقومات التغيير الإيجابي ورجال التغيير الحقيقي ..
أخيرا:
السؤال عن باقي مضامين الخريطة العربية يقود إلى جواب مضحك يتصل بكون بقية البلدان العربي قضت العيد إما في “مولات” الماكياج أو “استديوهات” الغناء والرقص الشرقي أو حتى في هموم لم تفصح عن نفسها بقوة لكنها تأكل هذا البلد أو ذاك من الداخل ..!