انتباه أمامك مطب ومحلل سياسي!
حسين العواضي
تتهاطل الألقاب هذه الأيام بالذات – بالهبل – من كل الاتجاهات وظائف وصفات ما أنزل الله بها من سلطان.
باحث أكاديمي .. محلل سياسي .. ناشط حقوقي .. خبير إعلامي .. استشاري استثمار .. ومخلص جمركي للمسدسات المهربة التي غرقت صنعاء بسببها ثلاثة أيام في الظلام.
تحاصرنا هذه – الألقاب – وتخنقنا .. في القنوات الترابية والإذاعات والصحف والمواقع الالكترونية وفي المآتم الاجتماعية .. وحفلات الزفاف.
ما شاء الله يا بني خبير إعلامي – مرة واحدة – طيب .. عاد في ذمتك ثلاث مواد تخلف من سنة ثالثة إعلام .. سدد ما في ذمتك يا حضرة الخبير وتعال نتفاهم.
هذه أيام الجرأة .. والوقاحة أيضا .. تهان الألقاب ويخفت بريقها .. ويغتصبها كل مدع .. وفاشل .. ونصاب .. ولا أحد يستنكر .. ولا أحد ينبه أو يستجيب ويندد.
كل واحد أو واحدة .. يمنح لنفسه لقبا على كيفه ولا خبرة ولا مؤهلات .. لا ضمير .. ولا وازع .. ولا ذرة من حياء.
شباب كان يمكن لهم أن يتعبوا .. شوية .. يشقوا طريقهم وأن طال ليحصدوا الألقاب التي حلموا بها عن جدارة واستحقاق.
لكنهم اختاروا أقرب الطرق وأسوأ الوسائل وأهدروا ذكاءهم في الأوهام الزائفة .. يرون الكبار .. فيقلدونهم وبئس المقلد والتقليد.
هذا شاب يافع يوزع بطاقات التعارف الذهبية لكل من يقابله في مؤتمرات – عبده الجندي – وفي باحات فندق – الموفمنبك – في المقهى والشارع .. وحتى عند إشارات المرور والمهنة ناشط حقوقي .. والعنوان .. قوقي يا هو دوت كم.
المحللون السياسيون حكاية أعجب من الخيال .. انتشروا هذه الأيام مثل الجراد لا أحد يدري .. كيف جاءوا .. وأين كانوا .. بالضبط .. مثل محلات العسل الحلوة التي تغطي شوارع المدن الحامضة .
وعلى الطريق لا زلت أصر لن أكل ولن أنسى .. إنه إذا كان صاحبك عسل فتأكد أنه بلدي.
وحين تستدعي بعض القنوات – المهرجة – بعضا من هؤلاء يجري التفاوض المخزي .. ممكن أحلل لكم القضية إياها وأشرحها تشريحا دقيقا .. بس نتفق تحبوا .. بالكيلو أو بالدقيقة .. أو بالمتر وكل شيء له تكلفة وحساب.
هذه – القنوات – الهابطة في هويتها .. وذوقها .. ولبس ضيوفها .. وصراخ مذيعيها عمرها أقصر مما تتصورون.
تستغفل المشاهدين الأبرياء وتسرق أوقاتهم بضيوف من النوع – الرخيص – طيب على الأقل – هاتوا مقص محترم – وانزعوا عن – الكوت المزركش – علامة الماركة التجارية .. جعلتونا مسخرة أمام المشاهدين في اريتريا والصومال .. يا قليلين الذوق.
المحللون السياسيون من هذا الصنف – شعارهم الذي لا حياد عنه إذا رغبت أن تبدو عاقلا وافق الناس على كل ما يقولون:
هذا محلل محترم من العيار الحصيف لا فضائية سألت عنه ولا صحيفة بحثت عنه.. ولا حكومة استفادت من غزير علمه وعمق حكمته وسعة اطلاعه.
يقول طول عمري أقرأ.. وأبحث.. وأحلل.. وأعود هذا الأيام فأقرأ وأحلل.. ولكن حتى الآن لم أفهم ما الذي يجري في البلاد¿!
هذا تحليل صادق وصادم قد يبدو غريبا.. ولا يستصيغه البعض لكن فيه من الحقيقة والحكمة الشيء الوفير.. لأن حوارنا.. وتحديد مصير أمتنا يجري في غرف محكمة الإغلاق.
وتأكدوا أن القرارات الحاسمة تتوقف على نوع القات ومزاج المخزنين قال لك تحليل سياسي وخبير إعلامي¿
وأتساءل ببراءة أليس عندنا هيئة لمكافحة الجراد.. وأخرى لمكافحة الملاريا… وثالثة لمكافحة الفساد.. ألم تنشأ قبل عشرين سنة هيئة لمنع صيد الغزلان.. وحماية المدن التاريخية.
ألا توجد عندنا بتعليمات من صندوق النقد الدولي والمخابرات الأميركية هيئة وطنية لمكافحة تهريب.. وغسل الأموال.
تبارك الله وفاضت نعمته .. لماذا لا تشكل هيئة وطنية سفلى لمكافحة الألقاب المضروبة أو المنهوبة وحث أصحابها على تقديم اعتذار لا لبس فيه لكل متضرر وغاضب.
وبعد اطمئنوا فالبلاد ليست مجدبة عندنا خبراء إعلاميون… ونشطاء.. ومحللون محترمون وهذه نماذج منهم.
المحلل السياسي السفير أحمد ناجي.. الخبير الإعلامي نشوان السميري الناشط الحقوقي عبدالعزيز البغدادي الباحث الأكاديمي عبداللطيف إبراهيم.
وعاد في البلاد مثل هؤلاء وأكفأ.. لكن لأنهم محترمون لا يجدون ولا يتملقون.. فلا أحد يستشيرهم.. أو يستضيفهم أو حتى يعرفهم أو يسأل عنهم.
وانتبه جيدا عزيزي القارئ أمامك مطب ومحلل سياسي.. وخلفك سيارة شيخ وناشط حقوقي.