اليمني كحطب لشياطين الحروب

جمال حسن


 - تتصارع القوى السياسية في اليمن خارج نص اللعبة الحقيقية لهاجس الحكم. وهي طبيعة المتصارعين على حكم اليمن منذ قرون حتى إن كانت ثورتا سبتمبر واكتوبر قد اتاحتا

تتصارع القوى السياسية في اليمن خارج نص اللعبة الحقيقية لهاجس الحكم. وهي طبيعة المتصارعين على حكم اليمن منذ قرون حتى إن كانت ثورتا سبتمبر واكتوبر قد اتاحتا صيغة الوطن بشكله الأقرب إلى الحداثة وإن ظل كذلك افتراض حالم تحتكره قوى الماضي بكل هيمنتها على الجغرافيا والتاريخ. عملية القاعدة الأخيرة في اليمن تشكل هذا الطابع الرائج للامبالاة بحق الحياة لنا كبلد اعتاد على النزف وسط ضجيج من ترهات المتجادلين على قضايا هي في العادة خارج النص. والبعض مازال يرى أن القاعدة فرصة سياسية يمكن المراهنة عليها لتتويج مصالحه. ترى أين تقع اليمن من كل ما تتعرض له من اساءات على الصعيد الانساني والذهني. كل ذلك يحدد أننا ذهن الشتات نحو أبدية الموت.
ربما ما أقوله مناجات شعرية لا معنى لها لكن ما حدث مجزرة حقيقية حيث يتعرض الجندي بصورة يومية لموت محقق. هذا العنف يبدو كما لو أنه اكثر تعطشا للدم وهو ليس كل القصة فاليمن محاط ببؤر مصالح تتعطش للدماء حطبها بشر يمنيون لا يعون قيمة الحياة وسط وهج من الايمان الأعمى وغير المدرك حتى لطبيعة اختلاق عدو. فتكون اليمن صورة لتهييج مستمر من العمى الذي تصطاد به الشياطين معركتها مع الله. مازلت غارقا في هذا المذهب الشعري غير الصالح لتفسير الاشياء كما هي بسيطة. وسأتذرع بحزني الجارف لقتل عشرات بأفخاخ مهووسة بفكرة الجهاد. مقتل 65 مواطن في عمليات متفرقة نفذتها القاعدة الا يثير فينا رعبا وحقيقة رهيبة لاحتمالات مفجعة. فكلما أحاول الالتجاء لأمل مبهم بأن اليمن قادرة ذات يوم على التغلب على فجائعها اجد نفسي صورة قاتمة لهذا المصير الذي تترنح عليه بلدي.
كم انا عاصفة من النسيان لما اعتقدت به فالوطن ايضا هي فكرة هلامية تستوطن مخيلاتنا ونمارسها للتضليل لكني اعود بدون حذر وأرددها كأيقونة صلاة. ماذا يحدث لنا¿ ذات يوم فكرت أن اليمني ربما كانت مفردة تطاردها لعنة وفي لحظة عاطفة وطنية اغوص فيها لأجد نفسي ملجأ حماقة انفعالية تتغنى بالوطن. أليس وطني الأول هو العالم فأجده كهفا يتدفق بفظائع تعلن البشر بهائم معرضة لمهزلة القتل. وللأسف لا يبدو أن اليمني يشعر بمصائبه وفجائعه وكأنه فرصة قطيعية غير مكترثة بما حوله طالما غفل عنه اعتداء ما. هذا التخلي عن الواقع اهماله في طقوس أخرى من الثرثرة المهووسة بالظهور الزائف. فيسطعون بشراهة نتنة لتأكيد ولائهم إما لأحزابهم أو لولاءاتهم حيث يستقطع النفوذ في اليمن جماعات وراديكاليات تتعاطى روتين الحروب وتمتلك حطبا يكفي لنشوء النزاعات والحروب واذا رأينا متخلين عن عمائنا سنرى كل بؤر الحروب في الوطن كل تلك الاصوات المرتفعة بنشوة القوة لامتلاكها اتباعا وسلاحا ولديها قنوات تمويل لا تنضب. وهؤلاء القتلى مجرد رموز لدموية تحتقن الدين في افعالها وافكارها. وكلما زاد قتل القاعدة لتؤكد انها مازالت فعالة تحن الطيور الحديدية في السماء ذات المسمى طائرات بدون طيار لتمارس قتلها ويجد اليمني نفسه في معمعة تحصره بالموت.
فهل هذا هو قدرنا أن نكون قرابين التضحية لاستدعاء مخلصين من أجل تنظيف العالم من الارهاب. لطالما بدا الأمر ليس مجرد مهزلة محلية أو اقليمية بل كونية وهو ما أجد ادعائي بالمواطن الكوني في مأزق. فهناك حيث القي نفسي في بحر العالم سيلاحقني المظهر المستمر لهوية خازوقية وأيضا سأكون الملاذ المهم لكل شهوات الهوية المفترضة بي كائن خطر. وفي الحقيقة سأجد نفسي ضحية هذا هو قدر اليمني. في الأزمان القديمة كان اليمني يقدم قرابينه للآلهة تماثيل صورية ورمزية. لم يكن هناك ضحايا بشرية كما في الحضارات الأخرى والأكثر روحانية. لكنه اليوم مجبر أن يكون أضحية دون أن تختاره معابد الصلاة. فالكهنوت يتجدد في اشباح تكتنز حتى المسميات العصرية والحديثة.
ومجاهد القاعدة الذي يفخخ نفسه يعتقد انه اختيار الرب من أجل وعد أبدي بالبقاء لا يكون قربانا على الطريقة القديمة. فحيث يقدم القربان البشري ليموت غرقا أو على مذبح الرب من أجل رضا الآلهة يكون وحيدا في موته لكن الاضاحي الجديدة تتحول قدرا لغيرها.
كانت المعابد القديمة تنتشي صلواتها بمحارق البخور حطب الصلوات كانت الابخرة التي امتلك تجارتها اليمنيون القدماء. ويبدو أن اليمن صارت معابد تتصارع ومحارق هائلة تلتهم البشر فيما تجلس الهات الحروب باشكال بشرية. عندما كان الاشوريون يؤسسون امبراطوريتهم بروح الشعب المحارب كانت آلهتهم في الغالب اشكالا محاربة واليمن آلهة حربها في الواقع وكلاء لآلهات حرب اقليمية وكونية. واليمني هو حطب تلك المعارك بقدر ما تريد شياطين الحروب الجديدة. اما انا فعن

قد يعجبك ايضا