الفساد أخطر من”الإرهاب”!!
عبد الحليم سيف
جمعتني الصدفة قبل أيام مع خبير اقتصادي يمني معروف تحدثت معه حول أسباب ما وصلت إليه البلاد من خراب شامل ومن جملة ما قلت له : فتش عن أي أزمة سياسية واقتصادية كانت ..أو اجتماعية .. مثل تفجير تخريبي لأنبوب نفطي.. عدوان همجي على أبراج الكهرباء ..وقطع شوارع المدن والطرق الرئيسية واحتجاز ناقلات نفط واغتيالات وهجوم على مؤسسات عسكرية ومدنية..وانتشار الميلشيات المسلحة والمواكب المفخخة للمسؤولين والمشائخ والمهربين والعابثين ..وتعرض مراكز الاختبارات للشهادة الثانوية العامة لهجوم مسلح مرورا بتردي مستوى التعليم العام والجامعي.. الحكومي والخاص.. وزيادة أعداد الأميين من الشباب مع ضعف الخدمات الصحية ..وسقوط الأخلاق واستشراء النفاق بصورة مقززة في صفوف ما يسمى بالنخب السياسية والحزبية والصحافيين والمثقفين ممن باتوا يتاجرون بقضايا الوطن لمصالح غيرهم .. والقائمة طويلة ومثقلة بأوجاع الإنسان اليمني.. لكنك في المحصلة النهائية ستجد أن ” الفساد” هو وراء كل مصائبنا فأنيابه التهمت كل الثروات والقروض والمنح والمساعدات المقدمة من الأشقاء والأصدقاء وتجاوز الأمر إلى طحن ما تبقي من الأجساد المنهكة للسواد الأعظم من الشعب بما فيهم أفراد الطبقة الوسطى فليس غريبا أن يرتفع عدد الفقراء إلى عشرة ملايين نسمة وهناك طفل من بين كل طفلين يعاني من سوء التغذية ولا أنسى أخبار تهريب المخدرات والسلاح والأدوية والمبيدات السامة وغيرها من الآفات ..حدث ويحدث مع وجود هيئة عامة لمكافحة الفساد وأجهزة ومؤسسات ومنظمات ..نسمع منها جعجعة ولا نرى طحينا!!
• قال: معك حق في كل ما قلته. ولم تعد هذه الحقائق مخفية فهي معروفة للقاصي والداني فلك أن تتخيل أن مسؤولين يهربون الديزل والغاز المدعوم إلى دول القرن الأفريقي بحماية نافذين وهناك تجار يتهربون من تسديد الضرائب المستحقة لخزينة الدولة فيدفعون رشا أكثر من المبالغ المستحقة عليهم المصيبة أننا كنا نحذر من خطورة وصول البلد إلى حد الانفجار والانهيار وكان من يجرؤ على قول الحقيقة يتهم بالخيانة والعمالة لهذا لا تستغرب أن يتحدث المسئولون منذ سنوات عن خطر الفساد وحتمية مكافحته ولا يفعلون شيئا المسألة مجرد هرجلة ونخيط وفهلوة .
• قلت:عندما أستمع لمسؤول حكومي أو برلماني أو قضائي وحتى سياسي وشيخ من العيار الثقيل وهو يتكلم عن النزاهة والشرف والحفاظ على المال العام وثروة الوطن وملاحقة من نهبوا وهربوا ولم يحاسبوا أضحك بسخرية وأردد بيني وبين نفسي أكذب على غيري يا(…) !!
• قال: بالطبع.. لأن روائح الفساد العفنة لم تعد تطاق فقد أزكمت الأنوف وسممت الحياة والهواء والأخلاق والبيئة والبحار والأرض والجبال لهذا لا مبالغة في من يقول أن الفساد أشد خطرا مما يسمى “بالإرهاب”.
• قلت: بالمناسبة.. سمعت هذا الكلام من الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في مؤتمر وزراء الداخلية العرب المنعقد في الجزائر في يناير 2000 وكنت يومها حاضرا. فقد خاطب الوزراء العرب وقتذاك هكذا: ” الفساد أخطر من الإرهاب- كررها ثلاثا- أخبروا حكوماتكم أن الفساد هو السبب الأول لإنتاج العنف والإرهاب وإذا أردنا القضاء على هذه المشكلة لابد من معالجة الأسباب وجذورها وان الفساد يأتي في المقدمة !!
• قال : محق بوتفليقة ..لأن “الإرهاب” رغم أخطاره الجسيمة يقتل مجموعة من الناس ويلحق الأذى بالأمن والاستقرار والسياحة أما الفساد يستهدف شعبا بأكمله مثل أسلحة الذرية والفساد هو وراء ظاهرة “الإرهاب “الدخيلة عن البلاد وغسيل الأموال القذرة واحدة من انتاج الفساد وتغذية منابع “الإرهاب” والموت جوعا أو تسمما وأطفأ نور الحياة وأخطر من ذلك تهريب الأموال المنهوبة إلى خارج البلد.
• قلت: وما حجم المبالغ المهربة ¿
• قال: لا أملك رقما محددا لكن المبالغ كبيرة قد تكون بالمليارات التي تم تهريبها إلى الخارج خلال السنوات الماضية.
• قلت : بمناسبة الإشارة إلى تهريب ثروة الوطن تصل عقوبة تهريب الثروة بأي شكل في كورية الجنوبية من 10سنوات سجنا إلى الإعدام لهذا تقدموا ونام على فراش السجن رؤساء جمهورية ووزراء والنتيجة أن الشعب تقدم ونام قرير العين فصانوا وطنهم وثروتهم ممن لا يحملون من الوطن إلا ورقة هوية أما عندنا فحدث ولا حرج تقرأ في الصحافة تقارير مدعومة بالوثائق عن متهم بالفساد فيبعد من موقعه دون أن ينفي أو يسأل ثم يفاجئ الرأي ا