القات والسياسة

أ.د. إسماعيل عبدالله محرم

 - 

يعتبر موضوع زراعة وتعاطي القات من الموضوعات التي تشكل هاجسا قويا عند الكثير من الباحثين والمهتمين اليمنيين والأجانب ليس فقط بسبب تأثيراته الاقتصادية بما فيها

يعتبر موضوع زراعة وتعاطي القات من الموضوعات التي تشكل هاجسا قويا عند الكثير من الباحثين والمهتمين اليمنيين والأجانب ليس فقط بسبب تأثيراته الاقتصادية بما فيها على القطاع الزراعي ولكن بسبب تأثيراته الصحية والاجتماعية واستنزافه للموارد البيئية وقد تم تناول المواضيع المختلفة حول القات من قبل العديد من الباحثين منذ فترة طويلة إلا أن تناول الجانب السياسي وتأثير القات على وسائل الحكم في اليمن قد اغفل كما أن الدراسات والأبحاث الجادة حول القات كانت متواضعة إلى درجة كبيرة ولم تول الدولة بمؤسساتها المختلفة أهمية تذكر على القات إلا في نهاية العقد الأخير من القرن الماضي وبداية الألفية الثالثة بالرغم من أنها لا زالت متواضعة إلى درجة كبيرة. وحتى الآن لم تتوفر الدراسات والأبحاث الكافية على القات تستطيع الرد على أهم التساؤلات التي يثيرها هذا العقار. كما أن البيانات والإحصائيات حوله لازالت غائبة أولنقل متواضعة ولا وجود لاهتمام كاف من قبل مؤسسات الدولة المعنية في هذا الشأن مما لا يساعد على اتضاح الصورة بجلاء حول ظاهرة القات. وهناك محاولات لا نستطيع التقليل من اهميتها وهي تلك الدراسات والبحوث التي أجريت على القات في جوانبه المختلفة أهمها ومعظمها كانت بتمويل اجنبي. كما أن هناك مبادرات ودراسات قام بها العديد من الباحثين اليمنيين والأجانب تستحق التقدير والثناء منها كتاب “القات والسياسة ودوره كعقار في حكم اليمن ” للباحث والمستشرق الألماني بيير قاتير (Peer Gatter ) والذي ظهر في نهاية العام الماضي عن دار ريتشارد لودفيق للنشر – المانيا (Ludwig Reichert Verlag. Wiesbaden. ) والذي يتكون من أكثر من 830 صفحة من الحجم الكبير تتخللها العديد من الصور والوثائق التي استند اليها الباحث. كما يحتوي الكتاب على العديد من البيانات كنتائج لدراسات قام بها أثناء بقائه وفترة عمله في اليمن التي استمرت لأكثر من عشرين عاما قضاها متنقل بين المناطق المختلفة تحاور مع العديد من الناس في اليمن سواء منتجي أومسوقي ومتعاطيين للقات كما تتبع حالات بعض الأسر والتغيرات التي حصلت عليها خلال فترة طويلة من زراعة وتسويق القات. وكان نصيب الاسد في محتويات الكتاب حول تأثير زراعة وتناول القات على أهم مناحي حياة الإنسان اليمني وخاصة علاقة القات وتناوله بالقرار السياسي في اليمن وهذا ما استطاع الولوج فيه ومناقشته من جوانبه المتعددة في كتابه الرائع والذي يحتوي على 14 فصلا تشمل خلفية تاريخية عن القات وموطنه الاصلي وتأثيرات زراعة القات وتسويقه وتناوله على النظام الاقتصادي في اليمن ودور القات في السياسة والحكم في المراحل المختلفة وقد رصد الكاتب هذه الحالة (القات والسياسة) بصورة مفصلة من بداية القرن العشرين وحتى الآن ركز بصورة أساسية على اليمن في العهود المختلفة وكذلك على دول القرن الافريقي التي تنتشر فيها زراعة القات خاصة الصومال وأثيوبيا وكذلك المناطق الجنوبية من المملكة العربية السعودية. ومن الوهلة الأولى لتصفح هذا العمل الكبير يمنح القارئ احساسا بقدرة الكاتب على الخوض في موضوع القات بقدرة عالية من المهنية والموضوعية وسعة الاطلاع والتحري عن كل المعلومات المتصلة بالقات وقضاياه المختلفة ليس في اليمن فحسب ولكن في دول زراعته وتناوله في دول العالم المختلفة. قام المؤلف Peer Gatter اثناء بقائه وعمله في اليمن بالعديد من الدراسات الاقتصادية والاجتماعية حول القات وكانت بيانات هذه الدراسات التي أورد معظم بياناتها في هذا العمل الرائع تعطي الكتاب أهمية بالغة من حيث تدوين البيانات وتحليلها والتي يحتاجها كل من يهتم بموضوع القات والتنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة في اليمن.
كما أن ترتيب المواضيع وتسلسلها واستخدام البيانات والأحداث التاريخية تشد القارئ إليه . لقد جمع المؤلف بين دفتي الكتاب العديد من البيانات والوثائق والصور والسرد التاريخي لموضوع القات وتناولها بصورة دقيقة.
كما استطاع أن يبدي رأيه بوضوح حول هذا العقار من خلال العبارات التالية التي أوردها في مقدمة كتابه (القات والسياسة ودوره كعقار في حكم اليمن) حيث يقول: “القات أكثر من منبه اجتماعي خفيف كما يشير إليه الكثيرون بل هو من المخدرات الاجتماعية القوية القابضة بشدة على حياة اليمن واليمنيين.
وان هذه النبتة تخلق شكلا من أشكال الإدمان النفساني الذي يجعلها ضارة وبالتأكيد مثلها مثل أي ضرب من ضروب المخدرات الأخرى خطرة ” كما يشير إلى أن القات يعتبر أحد المواضيع الشائكة التي تواجه الدولة والمجتمع اليمني وأصبح المجتمع اليمني أسيرا لهذا العقار وعزز دور القبيلة كمنافس قوي للد

قد يعجبك ايضا